الصرخة
وصرختُ حينَ رأيتُ نفسي في المنام
لكنَّ صوتي وهو يخرجُ من فمي
ما كان صوتاً، كانَ أفعى..
وخشيتُ منها
كيفَ أكتم صرختي؟
أأعيدها لفمي؟
أأطلقها على نومي؟
أأصرخُ مرة أخرى، لتخرج صرخةٌ أفعى سواها
آه يا جحر الأفاعي يا فمي
ماذا سأفعل كي أطمّك؟
والكلامُ هو الكلام.
غرابان
لا أبحثُ الآنَ عني ولا عنكِ
أعرفُ أن الذي بيننا ليسَ حباً
ولكن قتيلٌ أمامَ غُرابَينِ لم يدريا كيفَ
في طينِ خوفهما
يدفنان سماءين من سوءة الوقتِ
أعرفُ كم تُشفقينَ عليَّ، وأعرفُ أني
الغراب الذي سيعلمه الله كيفَ يواري محبته
ثم يمضي طليقاً إلى ندمٍ واسعٍ كالنحيبْ.
كتف صدفة
مصادفةً كنتَ قلباً
كأنكَ لم تستعدّ لتصبحَ بعدُ
تُركتَ على جهةٍ خطأَ.. ونُسيتَ
فحاولتَ، خربشتَ ذاكرة الناي
أوقعتَ بعضَ الأواني عن الرفِّ
ذبتَ.. تعثرتَ في ذيلكَ المتصلّبِ
أحرقتَ في عَدوِكَ الخائفِ اسمكَ
بلتَ على كلماتكَ
فاجأتَ نفسك بالنابِ
نِمتَ على لحظةٍ تتمزّقُ
حاولتَ.. قدرَ الذي تستطيعُ
وأخطأتَ .. أخطأتَ
لكن مصادفةً صرتَ
لم تكتملْ.. غيرَ أنكَ صرتَ
بدأتَ، تلعثمت
وانتبهت قدماكَ لمعنى الوقوفِ
على حافة الرقصِ
أمسكتَ بالحائط الرخو
ما بين ظلِّيكَ
قمتَ،
نهضتَ،
تشبّثتَ بالشمسِ
ها أنتَ تمسكُ بالسلّمِ الخشبيّ
وتعدو
على ورقٍ يابسٍ،
تتلمّسُ كفُكَ وجهَ الجدارِ المجعّدِ
تصبحُ (قلباً مريضاً بزلّاتهِ الأبديةِ)
شيئاً فشيئاً
ككل القلوبِ تصيرُ
وتسحبني نحوَ أوهامِكَ المشتهاةِ
تهيّئ لي حفرةً في الفراغِ،
لتوقعني فيّ
تتركُ لي خاتماً في الطريقِ
لأغرقَ في حبِّ
ما لستُ أعرفُ
تنسى على كفها لمسةً
لتجيءَ..
وتتركني معها
صفعةً في غيابٍ ترتبهُ
لحظةً لحظةً
خفقانٌ سريعٌ،
وجوهٌ تُبحلقُ في غيمةٍ من خيوطٍ،
ترتّبُ لي كلّ شيءٍ
وتنسى بكاءكَ في آخرِ الغرفةِ
البابُ ملقىً على وجههِ،
والنوافذُ تصفقها الريحُ بالبردِ
يا قلبُ.. أنتَ هناكَ
تحاولُ من دونِ فائدةٍ
أن تصيرَ..
وماذا تبقّى من الضوء حتى تصير؟
ماذا تبقى لتصبح قلباً
وتعرفني..؟
*نص: مهدي سلمان