النقاش. سؤال هل قصيدة النثر شعر وهل للنثر أن يكون شعراً. إنه كما ترون سؤال لعوب
وضرورة منطقية، لم يكن خطراً لأن واضعيه كانوا يفترضون ام يعرفون ما هو الشعر وما هو
النثر. وعليه فإن الشعر ليس نثراً والنثر ليس شعراً. لم يدر في بالهم أن يبدأوا بسؤال أول ما هو
الشعر. لو بدأوا به لعلموا أن ليس في مقدور أحد أن يتأكد من أن قصيدة النثر شعر أو أن قصيدة
الوزن شعر. ولا أن المتنبي شاعر أكثر من سقراط ولا هيغو أكثر من ستاندال ولا هوميروس أكثر
من إقليدس أو لوكوربيزيه. لعلموا أن هذه حيرة لا اية لها، لعلموا أن السؤال الأول لا يزال
عالقاً ولسنا نعلم استطراداً ما هو التصوير ولا ما هي الموسيقى ولا ما هو المسرح أو الرقص، رغم
إن هذا السؤال هو المحرك الخفي لتقلبات الفن ومسيرته. بل لعلموا أن جدله هو الذي يؤدي
بالشعر إلى أن يخرج من الشعر، فيكون كل شعر بالنسبة لسابقه شيئاً آخر، وهو الذي يفضي
بالرسم إلى أن يخرج من الرسم وبالموسيقى لأن تخرج من الموسيقى، ألسنا نرى الحديث نشازاً
بالنسبة إلى مأثوره وسابقة. ثم لو عدنا إلى السؤال لتجلت لنا صعوبة أن نفرق بين النثر والشعر،
صعوبة أن نفرق بين الصوت واللحن أو بين الحركة والرقص، بل بدت لنا صعوبة أن نفرق بين
الشعر والعلم والسرد والفكر.
ثم إن ما يسميه الواحد شعراً ليس إلا جماع ما قرأه وكتبه، وهذه تصح أمثلة ولا تصح
مثالات. قد نجد بينها مشاات ومقاربات لكن لا نستطيع أن نستخلص أن هذا هو الشعر وهذه
خاتمة البحث. إذ نعلم أن هذا الخفي وغير الموصوف وغير المعرف الذي هو الشعر لا ينتهي هنا
وإلا كان انتهى في ذاته واكتمل، ولم يعد في مقدوره أن يستنبط في نصوص لاحقة تدابير وحيلاً
جديدة. اسمع هنا احتجاجاً مشروعاً يقول أن رد الأمور إلى محرك خفي ليس إلا ميتافيزياء باطلة،
تقول على الشعر أو تأليه له أو إسقاط يمتدح الشاعر به نفسه ويدغدغ نرجسيته. هذا اعتراض
وجيه لو سمينا الشعر محركاً أو فكرة عليا أو جوهراً فائضاً. والحقيقة أننا لم ننسب الشعر إلى شيء
كهذا. ليس الشعر سابقاً ولا لاحقاً ولا فكرة أولى ولا ثانية أو محركاً أو جوهراً. كل ما في الأمر
أن شعراً مهما جاد لا يستطيع أن يزعم أنه الشعر، ولو كانت القصيدة، أي قصيدة، هي الشعر
لتألهت وغدت مثالا ومبدأ فائضاً. أما والشعر لا يستوي في قصيدة، قد تكون منه قرباً وبعداً،
وقد تكون منه وليست منه. يمكننا القول أن الشاعر يبحث عما لا يعرفه ويقابل عمله بما لا يدريه
ولا يملك صورة عنه.
صلة لا منطق لها وإن تراءى لنا أننا نقرأ كلاماً فوق النص وفوق الشاعر فنقول بدون
تفكير: إنه الشعر. نقول إنه الشعر قبل أن نفكر ولا نعرف إلى ماذا نرده. نقرأ مؤلفاً ناجزاً لكن
جذوره الأعمق هي في ما لم ينجز وإحالته الأقوى على ما لم يوجد ولا يكون. حيرة بالتأكيد لا
أحسب أنها عصفت بالذين سألوا إذا كانت قصيدة النثر شعراً. الاكتفاء بالمتحقق والناجز لا يقيم
حتى علماً أو تقنية، وليست كل مقابلة مع غير المسمى أو الموصوف مدارها الميتافيزياء أو الدين.
أن يكون للموجود جذور في غير الموجود، وللمعنى جذور في اللامعنى وللصورة جذور في الفراغ
أمر لا يستدعي إلهاً ولا أرواحا. مقابلة كهذه قد تستدعي بالدرجة الأولى نزولاً أعمق في أنفسنا
وفي اللغة والعالم، ولنقل أن ذلك لا يستدعي إيماناً أيضاً. قد يكون الشعر (بالألف واللامأمامنانا
أو وراءنا، وقد يكون حقيقأواو كذباً أو موجوداً أو غير موجود. أن اللامعرف كما يقرر دريدا
هو دائما في المستقبل.
حين يقول هيدغر بأن التفكير لم يبدأ بعد رغم آلاف السنين التي انقضت في ذلك فإنه لا
يهون من التراث الإنساني. إنه يردنا الى البداية الأنطولوجية. التفكير لم يبدأ بعد لكننا مثول له.
يمكننا ان نرتد الى بداية انطولوجية للشعر فنقول انه لم يبدأ بعد لكننا مثول له، ننحني بجمعنا
لاستقباله. لا ننتظره فحسب بل نصيخ له. نقف متأهبين ومستنفرين في انتظاره. ما نسميه شعراً
هو هذا المثول والانصات والاستعداد. من يفعلون هكذا يدخلون في الأفق المفتوح ولا يجعلهم
سؤال من مثل ما هو الشعر، او هل هذا شعر يفعلون سوى ان يعاودوا النظر الى الأفق.
سيقال إن هذا ليس جواباً وانه قريب من الشعر. لا حرج في القول ان كل كلام على الشعر
قريب من الشعر او هو شعر على نحو ما. ليس عجباً ان يضم رينيه شار كلامه على الشعر الى
شعره. الارجح ان سؤال الشعر جزء دائم من فحوى العمل الشعري.
هل يهم حقاً ان يكون لقصيدة النثر اصل في التراث وماذا لو وجدنا شاهداً أو شاهدين؟ او
اولنا شاهداً او شاهدين انها ثقافة التأصيل هذه تأتي بالعجائب، سمعنا عن تأصيل السيريالية
والبنيوية وليس هذا كثيراً علينا لكن احترامهما قبل ان توجدا أمر عجيب. وأعجب منه ان نكون
فكرنا في الأمر خفية عنا وأن يكون خامرنا من دون ان نعي، فيكون ما وجد ولم يوجد مدون في
كتابنا، ويكون ذلك رخصة لا بد منها لتقوم لشيء شرعية وحق وجود. او يكون فيه وجه دونية
قومية تسعى الى تلبيسنا ما لنا وليس لنا وكأن في افتقارنا اليه علامة نقص لا تعوض.
لا يهمنا ان تكون قصيدة النثر خامرت لا وعي التراث، فالبحث هنا ضرب من الأكروباسية
ولعب حواة. لا اعرف ما حاجة الشعراء الى شهادة كهذه وماذا يجدي الشعر ان يكون له اصل
وفصل. الا انني اشعر فيما يخص قصيدة النثر ان هذه الاصولية المستجدة توبة ضمنية عنها ومحاولة
لتطهيرها من ذنب اصلي.
هذا التكفير عن قصيدة النثر لا ينفع. في كل مرة نجد فيها اصلا وفصلا لنوع مستجد نمون
حلماً كاذباً بتوحيد عالم يزداد في حقيقة الأمر تناثراً. نمون أدبا كاذباً وفصامياً قد يكون مصدراً
لكثير مما يحصل في فنوننا وآدابنا. لقد ولدت قصيدة النثر في لغتنا وثقافتنا، في لحظة من تحولهما
وتفاعلهما. إذا كان ثمة تراث فهذا تراثها، واذا كان من اصل وفصل فهما هنا. التراث جار واذا
اعتبرناه منتهيا وتاما في لحظة متأخرة وفي مثال اسطوري فهذا من مشكلتنا مع تاريخنا وزمننا
عامة. من الظلم لقصيدة النثر ان ندعي لها معركة مع تراث هو وهم ثقافتنا وصدفتها المزعومة،
قصيدة النثر معركتها مع الحاضر الذي هو ايضا زمن مركب. التراث لا يقاتل احدا، انما يقاتل
باسمه الذين يجعلون منه كذبا مثابرا على العصر والحاضر.
التاريخ الطويل نسبيا لقصيدة النثر العربية هو ايضا تاريخ علاقة سوية بالزمن. لقد بدأت من
لحظتها واستلحقت كل شيء ذه اللحظة. لا تعاني قصيدة النثر على الأقل، من هذا الاحساس
المر بالفوات ولا باستحالة التقدم، وهو احساس يؤدي وأدى الى سلوك انتحاري. انها تناطح
زمنها واذا بدا انها متأخرة عنه تبقى في ذيله. الأرجح ان ادبا وثقافة ليسا مهجوسين بذلك يصلان
الى نفاذ، اخشى ان ما فقدته قصيدة التفعيلة هو هذا الدافع الذي بدونه لا يعود ممكنا انتاج معنى،
المعاني لا تأتي بدون مثول للزمن وقبض على اللحظة الموازية. يمكننا القول ان لقصيدة النثر العربية
هذا الوعي لزمانها.
إذا كان الشعر الجديد هو ابن محاورة مع الزمن فقد احتاجت قصيدة التفعيل الى اسطورة
مسبقة على اللحظة الراهنة. كان لا بد من توسطات تحول دون الاصطدام المباشر بالزمن، اتخذ
ذلك احياناً طابعاً حرفياً، لا ننسى اختلاط الشعر بالاسطورة ذلك الحين: التوراتية والتموزية
عنوانان. لكن ذلك ليس وحده. كان هناك زمن شبه فلسفي، وشبه بطولي، وشبه اسطوري
سابق على الشعر. لنقل إن طلب المعنى مباشرة من اللحظة المباشرة كان مصدر رعب لم يتهيأ له
الشعر العربي دائماً، كان هناك في تاريخه باستمرار هذه العلاقة المتوترة بالزمن، ولنعد مثلاً الى
صراع القدامى والمحدثين في العصر العباسي وحركة ابي نواس. نسوق ذلك للقول إن القبض على
الحاضر بدون وساطة هو مصدر رعبنا الثقافي. وحين نتكلم عن بدايات قصيدة النثر العربية نقول
إنها دخلت على الزمن بدون اسطورة. لا اسطورة اللغة ولا التاريخ ولا الغصن الذهبي ولا
الفلسفة ولا اسطورة الشعر نفسه. نعم، ففي معارضة الشعر للتاريخ والواقع ما يجعل منه اسطورة
حالِه، في حين ان الشعر الأسبق كان لا يتجاسر على ان يقبض على اللحظة بدون حبسها في
استعارة متكاملة، فإن قصيدة النثر وحدها تجرأت على ان تكّلم الحاضر مباشرة المعاصرة وبلغة
قريبة منه، تكّلم الحاضر بدون وسيط فولكلوري او ترميزي. الحاضر في الثقافة العربية هو زمننا
المفقود، ولا نزال نقدر الى اليوم انه عطب تاريخي وشقاق لا يلتئم مع الكون وأهله، وهو لذلك
بلا اعتبار وربما بلا لغة او مخيلة، ويمكن الهروب منه الى ابتكار للماضي او الى مستقبل بلا زمن،
قصيدة النثر كانت معاكسة لذلك وبرؤية اخرى.
لقد شاءت ان تباشر هذه اللحظة الملعونة المرجومة التي هي بلا شكل وبلا ماهية. ان تواجه
فوراً هذا الزمن المعلق والإشكالي وغير المعترف به.
بدأ ذلك بالمدينة التي كانت حتى ذلك الحين استعارة سدومية أو مكاناً بلا قلب. كان لا بد من
دخولها من أبواا ومن خارج تلك اللغة البدوية الريفية الترميزية. التي كانت نوعاً من خارجنا
الزماني. قصيدة النثر هي مباشرة المدينة، عنى ذلك اكتشافها لا كاستعارة، ولكن كحياة، كمكان
وزمان، كفهرست ضخم وخارطة مبعثرة وحياة ليلية وكثرة وتنوع وبعثرة وانزلاق مكاني
وزماني. المدينة هي التيمة الكبيرة المتحولة في قصيدة النثر. تيمة بآلاف العناوين بالطبع. وتيمة
تتجدد كل مرة في المكان والزمان واللغة. كنا في لحظة اكتشاف المدينة، وكانت قصيدة النثر،
ومعها الرواية، في هذه اللحظة.
المدينة الانتقالية الموقوفة، على حد تعبير وضاح شرارة، هي التي صنعت المفاجأة الماغوطية،
كانت للماغوط عينان جديدتان، لأما رأتا في هذه اللحظة ما لم يره الشعراء. فتنة الشارع
وارتجالات الشارع وقوة الفعل والمادة والمفارقة في الصورة الشارعية. ثم الإيقاع المونولوغي
الحواري لحياة التجوال والإغراء المونتاجي الكولاجي والفيلمي للتسكع المديني. فالشخصية
الصعلوكية التي هي نتاج اانية المدينية وأخيراً هناك لغة المفارقة، لغة الاندهاش والاكتشاف
والصدمة. فالسحر المديني وإدمان المدن هما المرض المقابل لخيانة أصلية، بل هنا الخيانة والانشقاق
الادمانيان اللذان يؤسسان للتجربة المدينية.
يبدو لن أنسي الحاج مونولوغاً متوتراً وهذيانياً. لكن الارتطام باللغة، هو ما يقابل
اكتشاف المدينة، الارتطام باللغة هو مباشرا بدون وقاية مسبقة، وبدون تسهيلات وبدون وسيط
ترميزي أو أسطوري. كانت اللغة هكذا رعباً ومتاهة، اا جنون لا تنظمه أنساق وإيقاعات
ونماذج. لن كان هذا الارتطام شبه الجسدي باللغة التي يحيلها أحياناً الى شظايا وعرة وإلى
فوران صهيري وإلى باطن متفجر. لقد كنا في لحظة اكتشاف وصدمة مباشرة. قوامها غياب أي
ميراث. المتكلم في لن لا يملك اي سابق، اي لا يملك اي حماية، انه يتعامل مع داخل خطر
وخارج خطر بدون حماية، مملوءًا من نفسه والرعب من العالم، لكنه مملوء ايضا بدم الاكتشاف
ودم الحرية.
أما شوقي ابي شقرا فيذهب الى مطرح معاكس. لقد عطّل الصدمة، عطّل المفعول الدرامي
او التراجيدي للمواجهة. انه محمي، هكذا أمكن تحويل الشعر الى ما يشبه الرحلة التي لا تتوقف
عن إنتاج صور خاطفة وغير خطرة. إنه عالم ليس بلا ذاكرة فحسب، ولكن بدون اي منظور.
ثمة نوع من التسطيح بالمعنى التشكيلي للكلمة هو المعادل الشعري للزمن المديني، زمن الإغفال
والتجرد من الصفات، كما في عنوان موزيل وأخيراً التجرد من كل جوهرية وأصل. لا يغير من
ذلك ان يستمد الشعر احياناً من قاموس شبه ريفي. إذ إن تمزيق الذاكرة هو نوع من خروج
الريف من الريف. بل تحرير الكلام من معانيه حيث ينتظم في “بازلات” كبيرة وينتمي اولاً الى
مكانه.
مباشرة المكان، او مباشرة اللغة او مباشرة الصورة؟ كل هذا نوع من بناء الشعر على اساس
مديني. الانتشار والتجزؤ والانتماء الى لحظة الكلام والتحرر من الاصول والسوابق اساس في
ذلك. الامثلة التي ذكرت تأسيسية. لكن هذه هي البداية التي استمرت عنصراً تكوينياً وبقدر
متجدد من التبؤر والتفصيل والانعطاف. هكذا تدرجنا الى تناقص النمذجة والتشخيص والانتقال
من الصعلوك والبطل المضاد الى الغفل والمراقب واللامسمى، الى أنا بلا صفات تتصرف كآخر
وكعموم بالكاد ملحوظ داخل الديكورات المدينية. هكذا تدرجنا الى استخراج الشعر من كل
الحقول اللغوية والمنظومات، الى مساواة الداخل بالخارج والذات بالأشياء والى الافتنان بأرشفة
العالم والتعداد التفصيلي، الى شعرية النوافل والنثريات والى شعرية الكبت والقسوة. تدرجنا الى
توسع الشعر في النثر وشعرية التقرير والمباشرة والخبر والسرد. تدرجنا الى شعرية اللحظة
والتسطيح بمعناه في الفن التشكيلي، اي العالم بلا بعد ثالث، بلا أبعاد داخلية وسيكولوجية
ودراماتيكية. العالم في الخارج حيث المكان هو البطل، وحيث يندمج الفعل في المكان والفاعل في
لحظة خاطفة. تدرجنا إلى الكتابة بجملة واحدة لا شخصية وغياب التوقيع الخاص وزوال الأدبي
ومشارفة التعبير بلا اسلوب. تدرجنا الى قيام الخبر والفعل مقام الصورة وخروج الشعر الى
اللاشعر والى الشعر المضاد واختراقه كل المنظومات اللغوية والاصطلاحية.
هذه تحولات يحمدها البعض ولا يحمدها، لكنها تتم في تفاعل مع الزمن المديني والهندسة
المدينية والتحقق المتزايد للمدينة. بما يعني ذلك من إنتاج ذاكرة ولغة ومخيلة خالصة للمدينة. أحب
البعض هذا ام لم يحبه، اعتبره فقراً ام غنى. هناك من يصرخون ما لنا ولهذا الشعر، هناك من ينعاه
في جملته، لكن المدينة التي تبدأ خيانة تغدو مع الزمن نسياناً. وحين يختفي ائيا الإرث الريفي تبرز
مفاهيم أخرى. لا نصادف فقط تعديلات او تحولات نسبية فما ينقصف هو السلسلة الفقرية
والعمود الرئيسي، مثال ذلك أن يحل التجميع محل الإيقاع، والخبر محل الصورة، والصمت محل
الوجدان، والخارج محل الداخل، والزي محل الاسلوب. هذا قطع فعلي. إنه تقريباً شعر خارج من
الشعر وفن خارج من الفن. هذه بالطبع معاناة مضاعفة، فمفهومنا عن الأسلوب والتفرد واللغة
يتعرض لتدمير، ومن العبث أن نلعن اللحظة او نتذمر. في الخلف دائماً مكان مشروع لكنه في
الخلف. يعنيني بقاء هذه المباشرة للزمن واللغة والواقع، يعنيني أن هذه الديناميكية لا تزال تعمل.
ولدت قصيدة النثر، إذا استعرنا مصطلح دولوز أقلية في الأقلية. يمكن القول إن هذا تقريباً
خيارها. لا أدري إذا كان مقدراً للتجربة الماغوطية أن تؤمن انتقالاً سلساً لها، لكن قصيدة النثر
شاءت من البداية أن تكون تحدياً، ليس لأوزان الخليل فحسب، ولكن بالدرجة الاولى لعمود
الثقافة العربية. الفصاحة هي النظام اللغوي العربي. لكن ايضا البناء الفوقي للثقافة العربية. هذا
النظام اللغوي المتعالي هو تقريبا الاسطورة المؤسسة للعروبة القومية. كانت هنا المؤسسة الموحدة
والهندسة العقلية والروحية للأمة، لم يخف هذا على مؤسسي قصيدة النثر، لم يغب عنهم أن
الدعوة الى تفكيك الفصاحة العربية هي ايضاً دعوة رلى تفكيك البناء الفوقي للأسطورة القومية.
دعوة كهذه لا تمس الصعيد الشعري وحده بل تمس معه الصعيد الايديولوجي والسياسي بعامته.
تفكيك الفصاحة باختصار ضرب للتوحد في اللغة واتخاذها ديناً قومياً واعتمادها ايديولوجيا عليا
وجامعة. تواقتت هذه الدعوة الى تفكيك الفصاحة او التحرر منها مع أخصب فتراتنا بالاعتداد
القومي، في الخمسينيات والستينيات. إا فترة التماهي بين المشروع التاريخي والتعبئة الجماهيرية
والنظام الشمولي. فيها دعي المثقفون ليصوغوا خطاب التماهي والتوحيد. كان غريباً أن تتأسس
قصيدة النثر مجافية، إن لم نقل معارضة لهذه المسيرة الجماهيرية. أكان بصدورها عن اقليات
سياسية أم ثقافية أم دينية أثر في ذلك أم اا كانت تواصل تقليداً في الاستقلال الثقافي، شاءت
قصيدة النثر مختارة ان تنفرد وسط هذه المعمعة. كان غرضها ان تتحرر من العموم وان تتمتع
بأقلوية وثانوية طوعيتين. اختطت لنفسها الدفاع عن الاستقلال الشعري وسط هجمة عاتية
لاستلحاق الشعر وتحوله بوقاً. واصلت بذلك موقفاً ثقافياً لا يزال يعتبر الثقافة انشقاقاً ومعارضة
وانفراداً، لكن معركتها الاهم كانت ضد تسييد اللغة واستعلائها الايديولوجي. رفضت ان تكون
اللغة نواة قومية. عنى ذلك تحطيم الفصاحة كلغة عليا والاتجاه الى تفريد اللغة وتجزئتها وتحويلها
الى ألسنة ولغات خاصة. بذلك تصدت لجماهيرية الثقافة ونزوعها الشمولي. للثقافة الكاكية
ومثالها العسكري والبطولي.
لم يكن الاستقلال الشعري شأناً شعرياً فحسب، ولا تفريد اللغة شأناً لغوياً فقط. كان هذا
استثناء في ثقافة بدأت تنحو بقوة الى التعميم والشمول. لقد ذهبت قصيدة النثر ضد الجمهور
وضد الاكثرية، وأسست لاقلوية ثقافية مبناها على الافراد والتعبير الفردي، مبناها ايضا على
الحاضر والتجربة. لقد عادت اللغة جسد الفرد بعد ان كانت جسد السلطان وجسد المسيرة.
وصِمت قصيدة النثر كثيراً وحوكمت، ولا تزال، باسم الجمهور وباسم الوطنية والقومية وباسم
التراث. واجهت التفتيش والعقل الشمولي والإرهاب الثقافي والجمهور. لا نية للعودة الى هذا
التاريخ. لكنه مثال نادر على ممانعة ثقافية ومعارضة ثقافية. حمل الظرف قصيدة النثر على أن تقوم
بعبء ذلك واحياناً بالنيابة عن الثقافة كلها. إن تحرير الشعر من الطلب الايديولوجي والاجتماعي
وتحرير اللغة من التصنيم التاريخي وتحرير الحقيقة من النعرات الشعبوية والجماهيرية معركة ثقافتنا
كلها. نجحت قصيدة النثر في ان تصمد ضد طغيان ثقافي مثابر، هذا الصمود هو تأسيس للثقافة
كانشقاق واستقلال عن السائد وعين نقدية. لم يكن ذلك لولا ان قصيدة النثر بدأت معارضتها
المبكرة والمستشرفة للتوتاليتارية الثقافية، لولا أا في تحريرها الشعر واللغة من العموم كانت
تؤسس لديموقراطية اللغة والشعر والثقافة.
مع ذلك فإن هناك شبهة يحسن ان نقف عندها. معارضة السائد الذي كان، أحياناً كثيرة،
جماهيرياً وشعبياً، أوحى بنوع من ارستقراطية ثقافية قوامها التعالي على الشارع في جملته، ما
استجر لدى كثيرين تتريها عن السياسة وبراءة منها. انطباع كهذا لم يكن على الأرجح بلا
أساس، لقد بدا الشعر تبعا لقصيدة النثر غالبا معارضة للسياسة ونفيا لها. بل بدا طاردا للوقائع
والأحداث والأخبار والخارج في جملته. هكذا قادت الحمى السجالية الشعر أحيانا الى أن يدخل
في معارضة للواقع، وأن يقتصر على المونولوغ الداخلي. بل بدا للبعض خلاصا وطوبى وحياة
موازية، كان هذا بالتأكيد نعرة تكونت في حرارة السجال وفي تضاعيفه. مواجهة ثقافة الشارع
قد تجر الى محافظة سياسية أو ثقافة تبرؤ طهراني من السياسة والواقع. لا نجد في أدبيات قصيدة
النثر أي دعوة من هذا القبيل. لكننا نجدها في أولياا مزاجا عاما. مقابل الأدب البطولي الفروسي
الذي وسم المرحلة، ومقابل الطغيان السياسي والحلولية السياسية التي لا تعترف بشيء خارج
السياسة نما مزاج معاد للسياسة وأحيانا لكل ما يتصل ا. كان هذا يهدد بعودة قصيدة النثر كليا
الى الشعر وهي التي قامت على تجاوزه، يهدد بانحصار الشعر في الشعر فيما كانت قصيدة النثر
خروجا للشعر من الشعر وتجاوزا لحدوده. ربما أفضى هذا الى مبالغة بعض قصائد النثر في
شعريتها، بل في مباراا الموزون والربح عليه. كما أن هذا هدد بفلسفة في الشعر تعيده بريئا من
الواقع ومن التجربة ومن الفكر. إذ بدا ان الشعر أحيانا يكتفي بلعبته أو أنه لعبة فحسب. كما بدا
أن الشاعرية تطرد ما عداها ولا تحتاج الى أي شبك ومن أي نوع مع الثقافة والحياة والعالم.
هكذا وصلنا احيانا الى قصيدة تتنصل ائيا من المعنى ظاهرا أو باطنا، مؤولا أو معلنا. لقد
انفرجت قصيدة النثر في السجال السلبي الذي واجهته عن اتجاهات تعيدها الى ما قبلها. أي الى
الارتداد على بواعثها ودوافعها. إذا كان النثر إخراجا للشعر من حبس الصوت بحثا عن معادلات
أخرى وخارجية أحيانا للصوت والصورة والإيقاع. إذا كان بحثا عن الصورة في الفكرة وفي الحيز
وفي التقرير والمباشرة أحيانا. إذا كانت قصيدة النثر هي تجاوز الشعر إلى ترسل النثر وتفصيله والى
شعرية السرد والى استيعاب الفكر والعلم. إذا كانت شعرية الخارج والعادي والنافل. إذا كانت
أيضا شعرية الجمع والكولاج والمونتاج الكلامي. إذا كانت التثاقف والتناص والجدل، إذا كانت
استيعاب اللاشعري والموضوعي في الشعري. إذا كانت في النهاية فتحا للنص على بقية الفنون
والأنواع والمنظومات. إذا كانت قصيدة النثر هي هذا، فإا بلا مثال ولا تبنى على مثال، ومن
العبث حبسها في نموذج أو تعريف يفرزها ائيا من النثر أو السرد أو الفكر أو الحكي. من العبث
أن نردها الى تقليد أو نجعل منها تقليدا. لكن الأسوأ هو أن نجعل منها عوضا عن الشعر أو بديلا
للشعر، أو أن تبنى على غرار الشعر وتسابق الموزون على شعريته متنصلة هكذا من اسم النثر
الذي لحق بولادا، وجعلها منذ الولادة مزدوجة الجنس، مولدة من أنواع.
وجدت قصيدة النثر لتحرير الشعرية من الشعر وطلبها في كل نظام كلامي وإخراجها من
جديد في علاقات شعرية. قصيدة النثر هي دائما التلقيح والتطعيم والتوليد، بل هي التقاطع
والازدواج والتركيب. إا جين مفتوح، والحلم بتأصيلها وردها نوعا ثابتا يلغيها فهي بين
الأنواع بل هي التراسل والتمازج والجدل بين الأنواع، ولن يكون لها سبب إذا استحالت نوعا
قائما بذاته. من الخلط أن نعتبر قصيدة النثر كما يذهب بعض نقادها وأصحاا شعرا أكثر من
الشعر أو نعتبرها تصفية له، او خطوة أمامية في مساره، ان نلقي عليها إلزامات فوق ما نلقي عليه
أو اشتراطات أكثر مما نشترط له. ان نريدها غناء صافيا وموسيقى صافية ونطرد منها كل اشتباه
بالنثر فلا يبقى مكان للسرد والفكرة والاستنتاج وأدوات التشبيه. السباق على الشعر ولو أدى
أحيانا الى إبداعات جليلة يصل الى كمال مسدود ومثالات ختامية. شيء كهذا حدث في قصيدة
النثر عندنا، بل ان مفهوما كهذا ساد حقبة ولا يزال له أثر. لا نفكر أن هذه المباراة أنتجت تحفا
فالموهبة تفعل، إذا وجدت، في أي طريقة وأي اقتراح. لكن الخطر في ترسمها واستخراج قالب
نظري عنها. وليست قصيدة النثر ذه البراءة ولا ذلك الاكتفاء. إا اكتشاف تفجيري يقوم على
مبدأ شعرية عامة لا يمكن حصرها.
خلطة الأنواع هي اليوم حقيقة في كل نظام أدبي أو فكري أو فني، الأدلة ماثلة في كل
شيء. قصيدة النثر لذلك تغدو أكثر معاصرة بتقدمها في الزمن، إا معادلة ثقافية بامتياز. اا في
أفق مستقبل الثقافة كلها وليس هذا الأفق إلا مستقبل علاقات لا تزال إبان تحققها وتكوا. عصر
جديد للفن قد يخرج فيه من كل مفهومه الماضي، بل نحن الآن على الأرجح في لحظة قطع كبيرة
لا نعرف الى أين تنتهي.
قصيدة النثر في وجه منها عملية ثقافية. إا معادلة وموازنة جديدتان داخل تشبيك الذاكرة
اللغوية والثقافية، وعلى هذا فإن من العبث تسهيلها واعتبارها فطرة شعرية ليس أكثر. لا شك في
أن قصيدة النثر لا تصدر عن الشعر وحده ولا عن التراث الشعري. لكننا لا نبسط فنقول إا
طريقة أو فطرة فحسب، لا نرفض شعرا بسيطا لكننا لا نقول ان البساطة هي الشعر. لا نرفض
الفطرة لكننا لا نقيم منها نظرية. من آثار حرفيتنا، وعقائديتنا أننا لا نزال نعتبر الفن طريقة ونرفع
التقنية أحيانا الى مستوى التعريف أو المبدأ. من آثار حرفيتنا اننا لا نزال نظن أن الشعر يقول
تعريفه لا أكثر. فهو الغرابة في قصائد وهو الترجيع في غيرها وهو الملاحظة اليومية في قصائد
أخرى، أي إن الشاعر يضمن في كل صورة وعبارة مفهومه للشعر. يغدو الشعر هكذا تمثيلا
متصلا على فكرة. هنا نعود الى قصيدة النثر كتشبيك ثقافي ولغوي ونتساءل إذا لم يكن في
اختزالها الى ذلك ما يوشك أن يصير تبسيطا تعليميا. يميل الشاعر الشاب الى <التسطيح> بالمعنى
التشكيلي للكلمة. أي انتفاء البعد الدرامي والسيكولوجي وتقديم مجاني للحظة. لنقل ان الطرفة
حصيلة تلك العملية. ثمة طلب للخفة وتقديم للحظة الشخصية على أا مفارقة شبه برانية مع
إدماج للمكان بالشخص وللداخل بالخارج. لا اعتراض على الطرفة بالطبع. ما نخشاه هو مزاج
يتبرأ من الفكر والثقافة والبحث، بل ومن التجربة بالمعنى الذي يتجاوز اللقطة. ما نخشاه هو
تصنيم الفطرة والعفوية والطرفة وتحرير الشعر من التفكير. ما نخشى عليه هو قصيدة النثر كعملية
ثقافية وكتقاطع بين الغنائي والموضوع وبين الأنا والخارج، قصيدة النثر كنص لغوي فكري
وثقافي، كأفق متصل للبحث والتجريب هو ما لا ينبغي سده. إدخال قصيدة النثر في عنق زجاجة
تعريف ضيق وتحويلها الى أمثلة متصلة على مبدأ بسيط هو من عواقب ميل الى النمذجة والعودة
الى مثال أوحد ومبدأ أول. هذا التبسيط والتسهيل يحيلان الشعر الى تطبيقات. ما يعني العودة الى
معنى مسبق والبناء على معنى مسبق، ويعني أيضا اعتبار الشعر طريقة لا بحثا. ما يقلق في ذلك هو
خطر كتابة معممة، لا يبقى الشعر فيها مولدا للمعاني أو متضمنا للمعاني بل مولدا للكليشيه
الشعري. أن يكف عن كونه نصا إشكاليا ليغدو ترويجيا. الخفة بالتأكيد سمة معاصرة وكذلك
الوضوح، لكن الأدب المعاصر هو أيضا مونتاج ثقافي، وليست قصيدة النثر التي هي نص مزدوج
وإشكالي جاهزة لتكون أدبا عاميا وسليقيا فحسب. ليست هذه صفات مذمومة بالطبع لكن لا
يمكن حبس قصيدة النثر فيها. أفكر ان على قصيدة النثر أن تسلك طريقا أكثر تعرجا ولا تتحول
بسرعة الى أغنية صغيرة وفن شعبي. الكليشيه الشعري والإدقاع الثقافي لن يكونا لأمد طويل
تطورا إيجابيا في قصيدة النثر. الأرجح أن مغامرة ثقافية لا تستبعد العلم الخالص ولا الاقتصاد أو
السياسة والفنون والهندسة والعمران، أقرب الى مستقبلها. لا أتكلم بالطبع عن موسوعية بل عن
امتصاص وتمثل وحساسية أخرى.
غالباً ما يقال ان قصيدة النثر بلا قارئ ولا يسامحها كثيرون لأا جعلت الشعر لقيطا غريبا.
لن أجادل في ما أظنه فرزا للحياة المدينية بين الثقافة والشعب، ولا في ما هو تحول للشعر عن
وظيفته المدحية التجميلية اقتضته مسيرة الثقافة نفسها. يهمني القول ان هذه القطيعة ليست مبدأ
ولا تاجا للشعر. إذا ذهب كثيرون الى ان الاستغلاق هو قدر الأدب وأنه في الأساس بلا قارئ
فإن هذا ليس غاية الشعر أو الأدب. الشعر حوار ولو بدا الطرف الآخر غائبا منه. حوار لا يمكن
الاستخفاف بالآخر فيه ولو لم يحضر. ان تعكير المياه لتبدو أكثر عمقا على حد نيتشه أو السيولة
الفلكية حيث لا تفعل اللغة سوى أن تمتدح ذاا وتتمرى فيها، واللعب والحذلقة بدون معنى أو
موضوع. في كل ذلك يبدو الشعر كأنه يتكلم الى قارئ ميت. ما يستجره الى أن يتكلم أيضا الى
عالم ميت. الشعر قد يكون على حد هيدغر إصغاءً وطلباً لحوار مقطوع. في كل ذلك، الآخر،
غائبا أم حاضرا، إلها أم إنسانا، قديما أم حديثا، هو مصدر الكلام وغايته. آخر يتكلم وآخر يسمع
واللغة اشتراك بينهما، بل هي على نحو ما تسوية بين الطرفين، تسوية هي عهد خاص غير
موصوف ولا مسبوق سلفا. من السخف ان نقول مثلا انه عودة الى الوزن أو الغناء أو أي شيء
من هذا القبيل، لكن الاستغلاق إذا كان قدرا فليس أسلوبا ولا تقنية. إذا كان أنطولوجيا فلن
يصير إجرائيا. إذا كان مأزقا فلن يتحول الى لعبة واكروباتية. اا تسوية ما وكل يقوم ا بحسبه.
إذ ان لكل شاعر شمعته وهو يضيء ا على طريقته، ويخاطب من هناك قارئا أو إنسانا، حيوانا أو
إلها، ينتظره في المستقبل.
في النهاية أريد أن أقول شيئا عن نفسي ولا أجد طريقة أخرى لقوله. افنيت أكثر من ٣٠
عاما في صناعة الشعر، ويحق لواحد بعد ذلك أن يقول انه استفاد من عمره وان مراس ثلاثة عقود
مكنه أكثر من صنعته. بيد أن للسن آفة من ناحية ثانية، إذ قد يؤخرنا عن زماننا ولحظتنا. كثيرون
يغتربون بسببه عن عالمهم أو يتوهمون ان العالم نفسه بات غريبا وقد يخطر لهم أن الزمن هو الذي
يتأخر. ذلك كما ترون قاس وقد يكون مأساويا. تعلمت شخصيا أن لا أشكك بالزمن، تقدم أم
تأخر. فكرت دائما ان على الفنان أن يبقى شابا. انه كفاح مر نجتهد فيه لنجدد أنسجتنا الروحية
والفكرية. كفاح مر تغدو فيه السلسلة مقلوبة فيكون الشباب هم الرواد ويكون علينا أن نلحق
م. نتعلم من الشبان أين اللحظة ونطلب منهم أن يدلونا على الحاضر، لم يزعجني أن أعود
أحيانا الى مقعد التلامذة، في ذلك فرصة لي لأكسب شبابا ثانيا. لقد تعلمت الكثير منكم أيها
الشبان. أدونيس وضع مصطلح قصيدة النثر وكان من أوائل المنظرين لها وشعره فيها يشمل جانبا
كبيراً من شعره ويؤثر بقوة في تيار واسع من قصيدة النثر. الا ان أدونيس لا يعد نفسه شاعر نثر،
كما قال، اذ لا يضع شعره في الوجهة التي اعتنت ا هذه الدراسة. هذا ما يقضي بان يكون
لقصيدة النثر الأدونيسية وتيارها بحث آخر.