أحسن من غيرنا – جنة عادل

لدينا جميعًا خوف أصيل من ألّا نكون جيّدين بما فيه الكفاية. ربما لأنه، وبخلاف كل ما يدوّي حولنا من خطابات النضج والتقبّل وتعاليم حب الذات، ندرك جميعًا في قرارة أنفسنا، أننا بشكل أو بآخر، في هذا السياق أو ذاك، بالفعل لسنا جيّدين بما فيه الكفاية. هناك دومًا من هو أذكى أو أجمل أو أكثر موهبة أو مهارة، أو أوسع حيلة. من هو أكثر حضورًا. من هو أسرع بديهة. من هو أقرب لقلوب أحبتنا، وأليق بهم منّا. باختصار، هناك من هو أفضل. دومًا هناك من هو أفضل. هناك من هو أقدر منا على عيش هذه اللحظة تحديداً، بأفضل طريقة ممكنة.

يهاجم هذا الإدراك نرجسيّتنا بشراسة، فنندفع للتورّط فيما لا قبل لنا به، فقط لمراوغة هذا الخوف وتبديده إن أمكن. محاولات مستمرة لإثبات جدارتنا. بماذا تحديداً؟ بالحب؟ بالنجاح؟ بالوظيفة؟ بالحياة نفسها؟ تضيع الإجابة في أصداء المعركة. للمفارقة، كثيرًا ما تؤكد هزيمتنا في تلك المعركة مخاوفنا التي أدختلنا التجربة بالأساس، لنجد أنفسنا أمام ما كنا نحاول الالتفاف حوله من البداية، وبكل الطرق الممكنة: هوّة سحيقة من التخبط واحتقار الذات.

لكن، أتدري ما الحقيقة التي يعلمها جميع من سقطوا في تلك الهوّة – سواء بالانسحاب المبكّر من معركة إثبات الذات، أو بالتورّط غير الموفّق فيها – ولا يصدّقها أحد؟

أن الأمر ليس بهذا السوء فعلًا. وأنه طبيعي جدًا، وشأن كل ما نحسه وندركه، هناك وجه آخر للمسألة، يتلخص في أننا، بشكل أو بآخر، في هذا السياق أو ذاك، نكون نحن الأذكى والأجمل والأكثر موهبة، والأوسع حيلة، والأكثر حضورًا والأسرع بديهة، والأقرب لقلوب أحبّة آخرين والأليق بهم. نكون الأفضل. والأقدر على عيش هذه اللحظة تحديدًا بأفضل طريقة ممكنة. تلك اللحظة الملهمة من البصيرة والانعتاق، وإعادة اكتشاف البديهي والمكرر والوجيه في الحكمة الشعبية وعبارات الجدّات المستهلكة – احنا أحسن من غيرنا – تفتح نافذة مثالية لسيناريو من اثنين:

أن نكتفي بعلاج نرجسيتنا الجريحة بجرح نرجسية آخرين، منحتنا الحياة أو المصادفة تفوقًا مؤقتًا عليهم في سياق ما، قبل أن تدور الدائرة لنجد أنفسنا، مرة أخرى، نتورط في إثبات جدارتنا من دون سبب واضح؛

أو

أن نكسر تلك الحلقة نهائياً، فنسمح لأنفسنا ببعض الهشاشة، بقبول محدوديتنا بحياد تلّفه السكينة، بتعاطف حقيقي ليس به ذرة تعالٍ واحدة، مع من لم ينعتقوا بعد من تلك الرحلة المضنية.

زر الذهاب إلى الأعلى