حكاية الرجل والكناري (إلى بسام حجار) – مهدي محسن

إلى بسام حجار

لم يجدوه بينهم، لا في الصور ولا على الكنبة ولا على السرير ولا بين الغرف ولا أمام المرآة، وجدوه في القفص وعندما التفتوا لم يعثروا عليه، وجدوا ظله على البلاط فمسحوه. هل هو الرجل أم الكناري أم الظل، أم الرغيف الأسود تحت الوسادة؟ كان الرجل مريضًا، نزل من الصورة واستلقى على السرير، كان متعبًا ونام، صوته اختفى من حنجرته، بحث عن صوته في الحنفية، وخلف النافذة وفي ساعة المنبه ولم يجده، لم يجد صوته في حنجرته، فبكى الكناري من أجله لكنه لم يبكِ، بكى الطائر والرجل لم يبكِ، أشعل سيجارة وحدق في السقف لعام كامل ثم مات بهدوء، كان الرجل هادئًا ومنشغلًا بمراقبة الأشياء الصغيرة، خلف النافذة اشتعلت حروب وعبرت جنائز، لم يبال الرجل لكن الكناري تعب قلبه، قال الرجل “اذهبوا إلى الحرب أو إلى الجحيم لكن أغلقوا الباب وراءكم”، لم يبالِ ولم يبكِ، الكناري أرعبه الضجيج في الخارج وتغير لونه واختفى صوته، مات الكناري من الضجيج لكن الرجل ما زال مستلقيًا، لم يتحرك ليدفن الطائر أو يضعه في الصور بينهم بدلًا عنه، يخاف أن تنكسر عظمة لو تحرك من مكانه، لو مد يده قد تنخلع، لو لف رقبته تثبت مكانها، وجدوا رمادهما في نهاية الحرب، وجدوا على السرير ريشًا كثيرًا وفي القفص وجدوا نظارة وأسنان رجل، في الصورة بقي الظل واقفًا بينهم والرماد طار من النافذة.


*نص: مهدي محسن

زر الذهاب إلى الأعلى