أسدُّ بجسدي المترهّل شقوق الوقت – آلاء فودة

وجه الحقيقة

من يمنح الحقيقة وجهاً أخضر لتنمو بداخلنا

لتصنع الخطوط باستقامة لا تَحيد

من يمنحنا بقاءً أصلح، وأمنيات لا تتكسَّر

من يحمل عنَّا عبء التجربة

يارب لقد دخلنا في التجربة

يارب لقد قَتلتنا التجربة.

من يلقّن القلب المعرفة كاملةً

دون أن يترك أبواباً سريَّة للصدفة

أو لتغيير المواعيد في اللحظة الأخيرة وذوبان الأقنعة على رصيف المفاجآت

من يسرد الحكاية كاملة قبل أن تحدث.

من يمسك عصا الوقت من المنتصف

ويشير بها إلى مواضع أقدامنا

لتتوقف الحياة قليلًا

لتتوقف لحظة

لحظة واحدة ربما تكفي لفتح كوَّة للإيمان.

طفلي الذي ماتَ قبل أن يولد

كان عارفاً بالخطّة كلّها

لذا أدركته الحكمة قبل البدء

وفضَّل البقاء هناك

واحدٌ نجا وآخرون دهسهم السؤال.

المقعد الذي تركنا وجلس بمفردهِ

تركَ مساحة للوداع اللانهائي

الوداع الذي لا تسبقه أية لقاءات

ولا يعقبهُ نَدَم

أو جمل مرتبكة عن الحنين وتمرين الأيام

الوداع الذي لا يعرف وجوهاً مَخذولة

ورسائل لم تُرسل بعد

وداع الغرباء الذين لم يجمعهم الوقت ولا المقعد ولا الأجوبة الناقصة.





***

دمٌ وملحٌ وماء

الدنيا لم تكن معي

هَجرتني في أشدّ لحظاتها حساسية

ووضعت مطرقة فوق رأسي

أو لسخرية الوضع

الطرق والأماكن والمسافات

كلُّها، كلُّها في نقطة واحدة

والزمن معادل نسبيّ استطاع بمهارةٍ

أن يتلوَّن حسب موقعه من الجريمة!

وأنا بداخل الأكياس البلاستيكية

لا أتعفَّن ولا أزدهر

يتسربُ مني دمٌ وملحٌ وماء

أتجدد لينمو على جلدي طفلٌ

ويعد الزمن ثوانيه باتجاهٍ لا أجدك فيه!

أنا هنا يا غريب

وضعنا العالم في مُخلفاته

وغيَّبنا الوقتُ باستدارته الناعمة

أنا هنا

أعدُّ للبحر موجه كي يَهدأ

أسدُّ بجسدي المترهّل شقوق الوقت

أسكبُ الماءَ على عتبات البيت

وأهذب شفرات العالم

لينكمش تدريجياً ونصير معًا.




*نصوص: آلاء فودة
*من ديوان: بحة في عواء ذئب


زر الذهاب إلى الأعلى