ما دامَ قبرُكَ مفتوحاً على الَّلذةِ – أحمد راشد ثاني

على السرير

وحيدانِ على السريرِ ماذا بإمكانهما أن يفعلا طوال الليلِ

وحيدان على السرير

فتی

وفُتات

***


كما أنا الآن

-1-

على القبيلةِ سأخرجُ

شاهراً عُزلتي

يداي على حائطِ الليلِ

تملآن المرآة

عيناي في المنزلِ

تسيلُ بين الغُرفِ

فمي في ماءِ الليل

يقرأُ الغرق

-2-

سأشركُ بكَ

سأجلبُ أقاصي الوجلِ

إلى صحن وحدَتِكَ

كلُّ مرة يتحطَّمُ الماءُ

أكثر مما ينسكبُ،

كل صخرة ترقُّ من الضوءِ

أكثر مما تنحسِرُ

كلُّ قفزةٍ

لي

في هوائكَ الشاغر

كلُّ عشبٍ صورٌ

-3-

سأخرجُ من وحدتي

سأخرجُ متكئاً على ظلّي

تقودني أحشائي

وتواخيني الرياحُ كسولةً

سأخرجُ

دمي ليس من هذا الطينِ

طيني ليس من هذا العجينِ

طبختي

نسيَ الله فيها حُرْقَة.


***

لن تكون

غداً تستطيع أن تكون فرداً من الشعبِ

إلا أنَّ البحر سينهبُ روحكَ

ما دام قبرُكَ مفتوحاً على اللذةِ

والحروب ستنشب على ركبتيكَ

كي لا تسقط الطرقاتُ في ظلامِ دمك…

عليك أن تُطلي مصابيحَ الوحَشةِ

بمساحيقِ الغبطة

وتملأ فراغ النهار بأحجارِ الليلِ

ما دامَ قبركَ مفتوحاً على اللذةِ

غداً لن تستطيع أن تكون فرداً

فالبحر سيدفن أمواجه في صدركَ

وستنتهي السماء في عينيك

عليكَ أن تملأ عينيكَ بالرمل

وفمكَ بالصُّراخ

عليكَ أن تُدفَن في النار

وتعيش كما يعيشُ الخشبُ

عليكَ …

ما دام قبرُك مفتوحاً على اللذةِ

غداً لن تستطيع أن تكون.

***

عندما يأتي

عندما يأتي حفَّارُ قبري

ليطرُقَ زجاجَ حياتي،

لن أُدخلَ يديهِ

في منزلِ موتي

لن يتكىء

على جدرانِ سرِّي

لن يجدَ أرضاً ليهدأ

ولن يضعَ قدميه أبداً

في ماءٍ باردٍ

سَأجرُّه من هروبهِ

ولن يطير،

سأجرُّه من جسدهِ الضائع

وأغلقُ عليهِ باب الحَجَر.


سأتركه هكذا،

حياً في ظلامهِ

كشمعةٍ بلا عيون،

ومن ثم سأعودُ إلى قبري

برباطةِ جأشٍ،

وقد أخبرت غُرابي

أن ينعقَ في أذنهِ

كُلَّما نَطَق

– أيدفنُني
وأنا ميّت؟


*نص: أحمد راشد ثاني

*من ديوان: حديثي عن الآبار يشرب

زر الذهاب إلى الأعلى