نصفُ المقهى فارغ
والنصفُ الآخر ينتحب
أحلامي لا زالت تنتظر في آخر الشارع
ووحدي أُربي آمالاً جديدة
على شكل قصائد
وحدي أجالس هامش المقهى
وأحاول خطف المارة
وجهاً وجهاً، حلماً حلماً، جثةً جثةً
لأحولهم لقصائد حزينة
وحدي أقطف المارة المسرعين
كسربٍ مهاجر
وأزرعهم
وعند المساء أقطفهم قصيدةً قصيدةً
كان الجميع فاسداً!
العجائز العازبات اللواتي يتبنين النسوية
وفي الليل يزوجن أنفسهن للأيام
يزوجن أنفسهن في الأحلام
يراقبن انطفاء جمالهن السائل كساعة رملية
وحدي كل مساء أقطف قصيدة
قصيدة كانت بالضرورة حزينة
قصيدة عن الملائكة المتزاحمين
المتكدسين حول المساجد
والأجساد التي تُغتصب في الأفق
على مرأى الجميع
عن سوريا المليئة بثقوب الرصاص
وصغارها الذين يجعلون من مواطن المهجر بلداناً جميلة
أعلامنا التي تراقص آمالنا المتطايرة
تبكي كل صباح أناشيد وطنية
فوق البنايات الزجاجية العالية
وعلى ارتفاع أعلامنا
نلقي بأحلام الوظيفة العمومية
وعند كل صباح نلقي التحية
وحدي أقطف قصائد حزينة الليلة
وموسم القطف كل ليلة
وأخاف أن يقطفني الموت بغتة
فأترك هذا الحقل العاري
مترعاً بالجثث الحزينة
أترك المقهى وحيداً
والشارع منتظراً
وكؤوس الشاي تبرد فوق الطاولة
قصائدي تقرأ نفسها
وجريدة واحدة تنتقد أفلامي
وأكثر ما أخاف، ألا يُنتبه لغيابي
فيا موت تمهل
أريد أن أصنع مجداً ….
*نص: عبير فتحوني