قلق – ماجد العتيبي

قلق 1 

تحب الجبنة و تخاف من الرمادي، تشتري الباذنجان و تتحاشى الزيت، يمشي معك قلقك في الشارع كجرو يتنزه، تكتب قصيدة عن مدينة بعيدة و جواز سفرك منتهي، تفعل مافي وسعك كي لا تنزل دهشتك في تخفيضات محلات سنتر بوينت.

كل الذين تحبهم لا تلتقيهم دومًا، كي تجنبهم قائمة العادي، أروعُ أفكارك تخطر لك في الحمام و تغسلها جيدًا قبل أن تلصقها في دفترك، هلعك القديم يعتني جيدًا بملابسه، و يغسلها بالشامبو كي لا تبهت، يعجبك هذا و تصر على حقك في الهلع و الكوي.

تكتب كلامًا “خفيفًا” كي لا تنتبه الحكومة أو يحاسبك الله، تقرأ كثيرًا عن الهمزات و مواضعها و تنسى، تقرأ عن طريقة تجهيز بيرة الشعير و لا تنسى، تفكر في السنوات التي كافحت فيها العثة و هي تحاول أن تأكل صورتك الوحيدة في جيب أبوك، ويباغتك أبوك حين قرر فجأة أن يستبدل صورته الوحيدة في جيبك.

تتذكر أمك فجأة، تلتقط قلم الرصاص و ترسم فرنًا قديمًا و طنجرة جديدة من الستنستيل

تتذكر أختك و تحاول أن ترسم صوت أتوبيس يتوقف.

تتذكر أخوك و ترسم مفك و ثلاث براغي.

تتوقف فجأة و تلتفت لكل الأشياء التي كتبتها خلفك، و تلعن السياق لأنه تجاهل جزمتك الجديدة.

***

قلق 2

خائف و أنظر للعالم من تحت سريري، أفتقد جديلة أختي و ثوبي الكبك ..

خائف و كل شيء شاسع، و هذا يرعب القنفذ في دمي و محرك سيارتي ..

أقفز قميصي و البنطلون .. أتعرى و أفتح الماء .. أغسل يدي و أسقي الحائط ..خائفٌ و الورق خدعة مؤقتة والحبر دم قديم لبنت ينهرها الجميع و تبكي ..

أريد قلبي الأزرق و الكدمة تحت عيني و قبضة ابن الجيران .. هذا السلام و الهدوء متعب .

القميص الكاروهات لا يكفي و علبة السجائر لم يتبقى فيها الكثير، و الكبريت استسلم للولاعات .

خائف و احتمالات أبي في كوني الابن الكبير تنهار في سوق الأسهم و تاريخ الصلاحية في علبة الزبادي لا تكفي لأشرح له معنى المضاربة في كل هذا العدد من الأبناء ..

خائف يا قطط الله و الشوارع

***

قلق 3

عالق في البيت وحدي، في ورطة الشتاء و ضعف الشهية، لا بيرة تكافح البطالة و لا كحول تعقم  حواف الليل .. لا صديقة تقحمني في شؤون نهديها أو صديق يتخلى عن رأس الشيشة و يطرق الباب .. عالق كزر في أكمام جاكيت بدون هدف واضح .. عالق و هذا يزعج أمي تماما” لو تعرف، لكنه سيروق لصديقة قديمة تخلت عن خصرها و ترهلت لأن الحياة لا تنصف العازبات ..

عالق و الأصدقاء يتقلصون، يأخذهم الموتُ، و الحبيبات و الأحياء الجديدة.

***

قلق 4

أفكر في العبث، في الجدوى من الكتابة و الالكترونيات،  في الهلع المصاب به منذ ثلاث سنوات و الميل المفاجئ للباذنجان، أفكر أيضًا “و كثيرًا” في رسم وشم لخدي، شكل بسيط ربما لمربع، المربع مدهش بالمناسبة متساوي تماما” و سهل رياضيا” لاستخراج مساحته و محيطة، المربع مكعب ثلج في كأس صديق يشتري خمرة رخيصة لنفسه و يشتري لحبيبته شنطة من شانيل، المربع نرد، المربع فكرة أبي عن الصلاح و فكرتي المبكرة عن الشكل بعد فض البكارة، المربع صندوق إبليس الذي وضعه ﻵدم ليصعد عليه و  يقطف التفاحة، المربع حالة استثنائية، يمكنك أن تمرر مثلث ومستطيل ودائرة من خلاله دون تدخل من الفرجار أو الفوتوشوب، المربع هلعي و أمنيتي في أن أجد بابا” له هذا الشكل، كي افتحه و أجد الله خلفه، و اقول له كل الكلام السابق، و اقترح عليه أن تكون الجنة مربعة، مقابل كل حسناتي من المربعات السابقة.

زر الذهاب إلى الأعلى