من بينِ كلّ كتلِ اللحم المتقاطرةِ دماً بينَ أصابعي لم أختر سِوى جَسَدي، وكأنَّه الأمل الوحيد الذي أذهب إليه قصداً أو سهواً كلما أصابني عطلٌ بسيطٌ في الذاكرة، عطلٌ بسيطٌ يَمنحني البدء من جَديد، عطلٌ بسيطٌ جداً يُعيدني لأكتشفني من خلاله! عطلٌ بسيطٌ للغاية يتفرغُ معي بشكلٍ كاملٍ لتشكيل قوالبي، وإعادة رسمي في أرض أحبها وتخونني! إنَّه جسدي الذي لا أراه إلَّا من خلال شهواتي ورَغائبي ونَزَواتي، لا أراه إلَّا من خلال صلواتي وأدعيتي وابتهالاتي، لا أراه إلَّا حين أشعر بتخمةٍ فيه، أو خفَّة منه، لا أراه إلَّا عندما يغامرُ معي ليكتشفني في أرضي، أو أقوم أنا باكتشافهِ في أرضهِ! إنَّه يحرثني بمعاول الُّلغةِ تحتَ تُرابي، يفتحُ شريانَ العقلِ بأسئلتهِ من جهة، ويراكم مسودات العاطفة بحسراتها من جهة أخرى، فلا أستبين منهُ سوى المسافة الواقعة بينه وبين روحي المسكينة التي سكنتْ فيه رغماً عنها أو باختيارها، لا فرق! فنحنُ لا نختار لأرواحنا أجسادها الـ تهبها المتعة، والـ تمنحها السكينة واللعنة معاً! هي وحدها ملائكتنا التي تشتهي ولا تجد!
*نص: زكي الصدير
*من ديوان: شهوة الملائكة