فريدريك شيلر – شكوى الفـتاة

تتـجمَّـع السّـُحـُب سريعـاً،

يهفهف شـجر البلّـوط في الغابة،

وجـنبَ الشاطئ الأخضر،

حيث تتكسّـر الموجة بعنف وبعنف،

تجلس فـتاة صـغيرة

وتتـنهّـد في الليل المعـتكـر،

والعينُ مكـدّرة من الدّموع.

.

” القـلبُ مـات،

والدّنـيا خالـية،

ولا تعطي شيئاً لتحقـيق أيًّ أمنية بعد هذا،

أيّها المُـقدَّس، أرجـِعْ طفـلـَك إلـيك،

لقد ذقتُ سـعادةَ الدّنـيا،

فلقد عشتُ وعشقتُ! “

.

تجري الدّمـوع مدراراً دون جدوى،

والنّـُواحُ، لا يوقـظ المـوتى،

ولو عرفتُ شيئاً ما يعـزّي القلبَ ويَشـفيه،

بعـد اختـفاءِ مُـتـعةِ الحبِّ اللذيـذ،

سوف لا آبـى هِـبَـةَ السَّمـاء.

.

” دع ِ الدّمـوعَ تجـري من غير طـائل،

لا يستطيع النّـُواح أنْ يُـوقظَ المـوتى،

السَّعادة الأشـدّ ُ حـلاوةً للقلب الحـزين،

بعـد زوال مُـتعـةِ الحبِّ الجميـل،

هي النّـُواحُ والآلامُ التي يُـخلِّـفها الحبّ ُ.”

***

(( وهذه ترجمة القصيدة شعراً مقفّى)):

*

عنـدما تكسو سماءَ الكونِ في الدّجْـنة طَيّاتُ الغيوم ِ

وتنـاغي شجرَ البلـّوط في الغـابة هبّـاتُ النسيم ِ

جنبَ ذاك الشاطئ الأخضرِ في الأعماق من ليلٍ بهيم ِ

تجلس الحسناءُ والآهـاتُ منها عبَـراتٍ تـتـفجَّرْ

عينـُها ملأى بدمـع لا ترى المـوجَ بعنفٍ يتكسَّرْ

” ياإلهـي مات قلبي وخلتْ دنـيايَ إلاّ من همـوم ِ

.

وأمـانيَّ الـتـي عـشتُ لهـا أحـلـمُ دَهـرا

ذهبـتْ مـثـلَ سـرابٍ وانقضتْ دنياي هَـدرا

فلَـقَـد عشـتُ وأحببتُ وكـان العـمرُ زهـرا

أيّـُها الأقـدسُ أَرجِـعْ طفـلَـكَ الغـالي إليـْكا

وخُـذِ القـلبَ الذي ذاب هـُيامـاً فـي يَـديـْكا

إنّني أُبصِـر دنيـايَ ظلاماً مُـدلَهِمّـاً مكفهـرّا “

.

ودموعي فوق خدّيَّ كنهرٍ ليس يـُطفي أيَّ جَمـرِ

ونُواحي ليس يُجدي المَيْتَ أنْ يُوقَظَ من أعماقِ قبرِ

لو عرفتُ الذي يشفي القلبَ مـنْ وَصْـبٍ وهَـجرِ

بـعدما يـذهـبُ سِـحـرُ الحبِّ كالطيفِ الجميلِ

بـعدما يخـبـو لهيبُ الـوجـدِ في روح الأصيلِ

لَرَشفتُ الحبَّ والمُـتعـةَ دوماً دون تفكـيرٍ بأمري

.

” فدعِ الدَّمعَ على الوجْـنـاتِ يجـري دون طـائلْ

إنَّ هذا النَوحَ لا يُوقظُ موتى غادروا شمسَ الأصائلْ

إنَّ أحلى ما يُـزيلُ الكَرْبَ عنْ قلبٍ أصابته الغوائلْ

بـعدَ عيـشٍ كان حُـلواً صار كالـعلـقـم مُـرّا

إذ ذَوتْ وردةُ روضٍ نشـرتْ بالأمـس عـطـرا

هو ما خلَّـفَه الحبّ ُ نُواحـاً وعذابـاً غيرَ زائـلْ “

*

ترجمة: د. بهجت عباس

**

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى