نصائحُ متأخرةٌ لابنِ زُريق – أجود مجبل

لكَ وردةٌ تَهمي

وموتٌ فاتنُ
وخُطاكَ في طُرُقِ الغيابِ مآذنُ

كَمْ مِن عصافيرٍ بلا مأوى هُنا
كانت على شجرٍ لَديكَ تُراهِنُ

غصناً فغصناً
ظلَّ ينمو حُلْمُها
حتى أطاحَ بها النهارُ الآسنُ

مِن ألفِ طاغيةٍ وطاغيةٍ مضَوا
وهواؤكَ المقروضُ
رَثٌّ واهنُ

كُلُّ القياماتِ التي أنجزْتَها
بقيَتْ لها للآنَ فيكَ
مَداخنُ

أتعِبْتَ يا رجُلاً تَفَرَّطَ صِبْيَةً ؟
ما صدّقوكَ وأنتَ فيهِم كاهنُ

أهْدرْتَ أعواماً
تُعَلِّمُ عُمْرَهُم قمحاً نبيلاً
والحصادُ ضغائنُ

لا تصطحِبْ ظِلاً يدُلُّ عليكَ
لا تفرحْ بسنبلةٍ سقاها خائنُ

لا تدخُلِ البيتَ الذي فيهِ أبو سفيانَ
مهما قيلَ : بيتٌ آمِنُ

إحملْ عَصاكَ
لكيْ تَهُشَّ بها على غَنَمِ السنينِ
فذي الدروبُ عَرائنُ

لَوِّحْ بطينِكَ كي تَراكَ سفينةٌ
بعدَ القصيدةِ لن تجيءَ سفائنُ

وَزِّعْ صيامَكَ للرصاصِ إذا افترى
واترُكْ هِلالَ العيدِ
فهو مُداهِنُ

هذا جوادُكَ ظامئاً
يغتالُه شجنُ البوادي والسوادُ الكامنُ

فلأيِّ مَرثاةٍ تسيرُ مُشَمِّراً ؟
وإلامَ يا ابنَ زُريقَ وحدَكَ ظاعنُ ؟

خُذْها حبيبتَكَ الصغيرةَ
لا تَدَعْها وحدَها
فالذكرياتُ مَدافنُ

خُذْ شَعرَها المسفوحَ ،
قدْ تحتاجُه
إنْ أنكرَتْكَ ربيعةٌ وهَوازنُ

خُذْ صوتَها
ليزورَ غُربتَكَ اليمامُ
ويحتفي بكَ ريشُه المُتطامِنُ

قدْ لا تعودُ مِن القصيدةِ فاحترِسْ
فالدمعُ لا يكفي
وحزنُكَ طاحنُ

الليلُ في بغدادَ بعدَكَ
يَنحَني فيه الغِناءُ
وتستريبُ أماكنُ

لا تأتِ بيتَكَ يا غريبُ ، سيقتلونكَ
والوجوهُ الضاحكاتُ كمائنُ

لا تأتِ ،
آلافُ اللصوصِ على الطريقِ
وفيكَ من شغَفِ الوصولِ خزائنُ

بِيعَتْ حبيبتُكَ التي تبكي عليكَ
وشوقُها فوق انتظارِكَ هاتنُ

لا تسألِ النخاسَ عن عُنوانِها
إنَّ الجَواريَ ما لَهُنَّ مَواطنُ

فمَدائنٌ تقتادُهُنَّ بلا وداعاتٍ
وتَنسى حزنَهُنَّ مَدائنُ

بغدادُ أنتَ
وفيكَ منها أكؤسٌ فَرَغَتْ
ونخلٌ بالخسائرِ طاعنُ

ستموتُ مِن عطشٍ
وسبعةُ أنهُرٍ لمْ تَسقِ عُمرَكَ
والخليفةُ ثامنُ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى