اسمح لي أن أحكي ما في البوستال.
خريف ومطر. ثمة امرأة بلا توازن
في مركز الصورة. مثل السمكات
تفقد توازنها حين يقترب الموت.
خلف المرأة وأعلاها، في مستوى ثانٍ
على يمين الصورة، ثمة سيقان أربع.
سيقان أربع بيضاء جدًا، سيقان أربع غليظة
تقطعها يدان متعانقتان في الوسط.
تلك الإيماءة تحرر البوستال من أي لمحة درامية.
ما من أحد ينبغي أن يلتفت إلى زوجين مقصوصين. ولا حتى المصور
انتبه لهما حين التقط الصورة، لكن الوقت تأخر. فها نحن نشاهدها.
تلك الإيماءة تحتوي السيقان الأربع من أعلى وتمنح
توازنًا لتجوال الزوجين، لكنها تربك كل ما يحيط بها.
المرأة اللا متزنة لا تغدو بطلة الصورة.
المطر لا يعود مرئيًا. المرأة اللا متزنة
تعوج فمها وترنو بجانب عينيها. تلاحظ مطرًا
قد توقف عن النزول.
الزوجان، مع ذلك، لا يبديان النية للحركة.
المرأة اللا متزنة تتعثر وتشرع في الدوران
حول مركزها. انظر بدقة. خذ البوستال بين يديك.
ستلحظ أنك لا تراها كاملًة، ستلحظ أنها مطوية.
نتأمل البوستال على اتساعه، بأعلاه زوجان،
وسماء، وموسيقى حادة وبطيئة يرن صداها برتابة
فيما تمطر ثلجًا.
الزوجان يغدوان مكسوَّين بالبياض
والمرأة اللا متزنة تواصل الدوران في
دائرة تبدو أبدية.
نهاية الشارع سد من غمامة بيضاء جدًا
حتى تغدو الصورة محروقة. هذه العبارة تضحكنا، طبعًا،
إذ بينما نتأمل البوستال، يكسو الثلج كل شيء بالبرد.
تحت ساقيّ المرأة اللا متزنة، ثمة دائرة كاملة
نجت من الثلج.
هذا ما جئت لأمنحه لك:
مأوى يقيك البرد في مقابل نقطة مستقرة.
ترجمة: أحمد عبد اللطيف