عند المساء يخيم على المطـاعم الليلية
هواء ساخن ثقيل وأصم
و روح الربيع المُفسد
تتحكم بصياح السكارى
.
وفي منأى، على غبار الأزقة
وسأم البيوت الريفية
كعكة هلالية مذهبة قليلاً ،على واجهة المخبز
ويدوي بكاء طفل
.
وفي كل أمسية، خلف حواجز الطرق
يتنزه مع السيدات بين السواقي
ظرفاء محنكون
أمالوا قبعاتهم
.
و تأز في البحيرة مماسك المجاديف
وتتعالى ولولة النساء
وفي السماء تلوى من دون معنى القرص
الذي اعتاد على كل شئ
.
وفي كل مساء نديمـي الوحيد
انعكس في قدحي
وعلى شاكلتي وديع أذهلته
الرطوبة اللزجة وأذهله الغموض
.
وقريبا من المناضد المجاورة
يتراوح خدم مخمورون
ويصرخ السكارى ذوو عيون الأرانب
“IN VINO VERITAS”
.
وفي كل مساء، في ساعة محددة
( أم أن هذا راودني في الحلم وحسب؟)،
يتهادى في النافذة المظلمة
قــد فتاة، متشح بالحرير
.
ودائماً من دون أصحاب، وحيدة
تشق طريقها ببطء بين السكارى
تضوع بالعطر والضباب
وتجلس عند النافذة
.
ويُذَكِر حريرها الناعم
وقبعتها الموشاة بريش الحداد
والخواتم بأصابعها الناحلة
بالمُعتقدات القديمة
.
حاصرني هذا التماس الغريب
أُحملق خلف الوشاح الحالك
وارى شاطئاً مسحوراً
و بُعداً مسحوراً
.
عُهدت أسرار غامضة بي
عُهدت بي شمس ما
وغاصت روحي بالمنعرجات
وراحت الخمرة اللزجة تؤرقني
.
وريش النعامة، المائل على قبعتها
يهتز في دماغي
وعيون زرقاء من دون قاع
تزهر على شاطئ بعيد
.
في روحي يوجد كنز
عُهٍِِِدَ بمفتاحه بي فقط
أنت على حق أيها المسخ المخمور
أنا أعرف : إن الحقيقة في الخمرة.
**
ترجمة :فالح الحـمراني