أغترب عن أفول السماء فى ذاتى
وعن مصاريع السكينة التى تسلسل جذوع الألوان
ففى شعرى أكتب حديقة المعانى
وأدرك اغتراب كل شىء
فى البداية الزمن الذى ينبطح أمامى ومؤخرته تبتسم لى
والمرآة التى تجلس فى البعيد فى ساحة الأفق
والخوف من المدرك الذى يسيطر على جنونى
والجوهر الذى ينادى على دوائر الأنا
والأبدية الملقاة على الطريق تشحذ كسرات الحبر من عيون الأطفال
والوميض الإباحى الذى يحرق ظلام الفؤاد الذى يقاوم دقات الحب فيه
والهزيمة الناتئة من أغنية الأحمر المندهش والأصفر الملول
والشرفة الداخلية المعزولة عن العالم المصلوب على خشب الشحوب
والعزلة التى تنافس نفسها وتلاكم العدم الذى يفور من ثورة الخواء على العزاء
والسفينة الغرقى فى دم المساء
والبكاء المجرد على صوارى الانفتاح على الخارج
والداخل الملىء بالعصافير الميتة من جراء صناعة الدموع على سندان يسوع
والأبواب المغلقة التى تمشى وحدها فى أرض الصمت المؤنثة
والأجنة التى لها روح سكرانة تمضغ الريحان فى حزنها
والأفكار التى تغير سكون الكرى الذى يطحن الدموع
والنحلة التى تطارد صوت الناي الذى يخرج من النارنج
والحرمان الخصيب الذى يستلهم الكلمات العائدة من عفونة أبواب العدم
والغيم الديجوري الذى ينام فى اجترار الخلاء لرصيف المعرفة
والأصابع التى تغوص فى شطوط الخصلات التى تمثل أنشوطة الوثن الذى يتعارك مع السواد المعصوب العينين
واليقظة التى تستنهض الأرض الغليظة الراحلة فى اللفظ
والصراع الذى يلتهم دخان الهو المضطرب من أشباح الوهن
والبيت الذى يلفه خوف الذهن من أذى الروح التى تتذوق عواء التردد
والاندياح الذى فى هوية اللانسانى
وسيرك الضروع الذى يقام فى صاحة الأزرق فى كوكبى
والمخيلة التى تبدل جذورها كل لحظة فى وريقات السراب
والفراش الذى يضيع فى تناسل الغموض مع الواضح
والأخروي الذى ينمو فى التحلل فى المكان اللامنتمي
والصورة الحميمية التى تنتصر على إهاب الأسرار فى رقص اللامعانى .
.
أبكى الان لأن اغترابى يكتب جروحى برؤياي
ويغتسل بتواشيح الروح الرمزية لنسيان الحسرة فى العذاب .
تجرحنى خطاي فى اللذة
وأبحث عن معنى لها
ولكن التفكير يدمر كل اللذات .
ضاجعت محمد ويسوع
وصرت وهما يشرق بالانطفاء
الذى سئم من خوط الخوف
التى لديها فحولة العيد .
سكبت صحائف الهتك فى دواتى
لكى أستر الهاوية التى بدون إزار
فالاهة لا تفقه خيمة الشعر .
أطوى اغترابى بذكريات شخوصى قبل أن ينضموا لى من عدمهم
قبل أن أخلقهم من وجه الصلاة
أنا هنا فى الخلق أخذ ثأرى من مخيلتى
وأتسلق غزل الوجد .
لا أتذكر متى وكيف بدأ اغترابى
ولكنى أتذكر أنى كنت طائر فى الغد
ونبتت صبوة فى أقفالى الصدئة النفسية
وظهرت وحوشا فى القمح الذى يرضع سمائى .
لا أعري قلبى أبدا أمام أحد
ولكنى أعرى عقلى دائما أمام الغرباء
لأنى أفضل البوح الغامض للفرار
على امتطاء الظلمات فى مفترق الغربة .
أسائل ظلى عن قنوط الضوء الوسخ
الذى يخفى مواسم الكيان فى احتضاره .
غربتى تحترق فى الحب
لهذا لا أدخله أبدا
إلا إن كان من طرف حبرى فقط .
تمهل علي أيها المحال
فأنا لازلت فى أغاريد النفي
فلم أقابل بعد طمي الرهبة
التى تعصر ضلوع الطبيعة بى .
أنا غريب فى هذا العالم
وغريب فى مخيلتى
وغريب فى رؤوس الأشجار
وغريب فى حظيرة الكلمات المنعزلة
وغريب بين الأسيجة الخيرة
ولكنى أريد أن أكون غريبا ووحيدا
حتى لا يملأنى لبن الإله .
أريد أن أصرع ضحكة النافورة
التى تدوس عربات الإيقاع الكتاني للدجى .
الاغتراب ينفينى عن الوجود
ويظل يضاجعنى لكى أنهك العدم
ويجعلنى أحب خطيئتى القرمزية .
الاغتراب عن الذات :
الاغتراب عن الذات وفيه نغترب بسبب ألم مستمر وذنوب قديمة سواء كانت مقترفة فى الواقع وهو الإمتداد الزمنى والمكاني فى وجودنا وعدمنا وخيالنا ويضغط ذلك الاغتراب على كراهيتنا لذواتنا بشكل جنوني ويستكمل دورته بنا طالما نحن أحياء ويمتد أيضا فى أحلامنا وممكن أن يضيف سريالية حزينة وممكن أن يمجد الغائب فى غائيتنا ويكثف وعينا بالخلق سواء كان خلقنا أو خلق أحد آخر ويحثنا على المعانى التى لا نعرف معناها عقليا أبدا ولكننا نشعر بها ونتوسل فيه لقيود الحرية ويجعلنا نفكر فى أشياء غير واقعية وخيالية متطرفة ويكثف شعورنا بالمجردات المترعة بالخواطر النفسية وأن ننهزم أمامها فهي فقط تثير كل شىء بى وتحتفظ المجردات بظواهر وجواهر خفية لا يعرفها أحد فالخالق وخصوصا الخالق للمجردات يحتوى على مشاعر أكثر من أي أحد حتى الشاعر ولكنه لا يجعلنا نحب أن نشارك خلقنا مع أحد لأنه يفقد معناه بالمشاركة وأن نخلق بعد ذلك تدميره فالخلق يكفينى عن الناس وخلق الآخرين ولكنى أتمنى أن لا أدمر لذة الخلق هذه فأنا لا أريد أن أملأ رأسى بأفكار ومشاعر الآخرين ، أريد أن أملأها بأفكارى ومشاعرى أنا ، هذا التخاطر بين مخيلتى وشعورى وأداة التعبير التى لدي .
الاغتراب عن الذات يجعلنا نحيا فى المخيلة بكل شىء بنا وبمخيلتنا المقيدة ومخيلتنا الحرة ونخرج من البيئة التى نشأنا بها والثقافة والوعي لأننا لا نستطيع الحياة فى الواقع إلا حياة وحيدة ومثيرة للشفقة بينما فى المخيلة نستطيع الحياة أكثر من حياة فنحن لا نستطيع تغيير واقعنا ولكنى حتى أريد أن أغير خيالى .
الاغتراب يجعلنا ننتظر شىء غير مفهوم ولا نعرفه ، شىء بنا يتخلق ذاتيا ، ينتصب ، يزرع جروحا جديدة فى كل شىء بنا ، يطوح الرغبات ويدرك الإرادة بشدة التى تدمع بسبب تلصصنا على معناها .
أضمن اغترابى بتواقيع الأرض المقدسة فى مخيلتى فهناك أرض مقدسة بها وأرض ملعونة ، الأرض المقدسة لا أدخلها إلا عندما أتوضأ بالشعر والرحمة والأرض الملعونة أعرج لها فى أحلامى .
الاغتراب عن العدم :
العدم يغفو بنا ولكل إنسان عدمه ولكل مدرك عدمه الخاص الذى يرتقه بعيدا عن الآخر فالعدم وليد العزلة ولكنه أعظم ما نرتقه ونخلقه فى مخيلتنا
ولكنى ساتحدث عن عدمى الخاص الذى أحاول أن أرتقه منذ أيام قليلة فكل إنسان أيضا له وجود ولكن عدمى أنا نقطة سوداء تحيا فى اللازمن وتمتد فيه فالزمن مكان به أبواب تغلق وتفتح واللامكان غيط فى المخيلة لا يمتد إليه أي شىء كالوعي والإدراك فهم لامكانيين .
أدرك الاغتراب عن عدمى عندما أشعر بهذه النقطة السوداء التى هى العدم لا تسلبنى وجودى الذى هو نقطة بيضاء أيضا فى مخيلتى ولا تسيل على اللابداية من كل شىء .
أريد أن يضع العدم نواجذه فى إبريق الوجود وأن يكسر الإناء .
لا أؤمن بالزمن فى العدم ولكن أؤمن بالخلود فيه ولا أؤمن بالمكان ولكن أؤمن باللاهنا ولا أؤمن بالخفاء ولكن أؤمن باللاوجود ولا اؤمن باحتراق الشر ولكن أؤمن بعداله نقابه .
أريد أن أغسل ضمات اللازمن مثلا للامكان والمتعين من خوفه والمباشر من صوته فى منفاه .
العدم سيصنع منفى ولكن منفاه ليس الوجود ولكن عدم متطور يسمح فيه بالوجود الآنى فقط والانتحار المادي .
أريد أن أدمر وجودى بى ووجود الأخر فى وجوده وأريد أن أدمر عدمى بى وعدم الآخر فى عدمه .
الاغتراب عن العدم يجعلنا نشعر بحرية الابتعاد عن وطننا الأم الذى يجوع لنا والدوامة التى تحقق حريتنا وقيودنا فى الاستعارة المذبوحة لجيفة الإرادة .