في الأيّام كهذه الآن نجلس دائما في
غرفتي فوق حديدة التدفئة. أقرأ الجريدة وأنت تنظرين إلى الخارج.
أعلينا أن نمضي في المطر أم نبقى في البيت
ونكتب قافية مرنة على الزّجاج المغطّى ونصف
كيف ترتطم كميّات المياه بشكل أبديّ
بأرصفة المشاة،
كيف تهطل خلال الأزقّة وتسيل في اخدود المجاري، بينما
نتلذّذ في الجوّ الدافىء بتحمّم منعش.
نعصر المخدّات. نجعّد حشيّة الأريكة
القابلة للفتح والإغلاق وننعش أنفسنا بالفستق والبندق.
على النّافذة تقطر اللالىء، في الكأس تتلألأ الشّامبانيا. افحص
الطّقس في الخارج ويغيب نظر التسابق كرعشة ظهر. ريح
غريبة سمينة تهبّ، لكن ولأنّنا محصّنون ضدّ الطّقس، فهذا
لا يعنينا. يظلم الجوّ، لا تشعلي أيّ نور. ننصت ونسكر
بخرير المطر في الخارج.
في الدّاخل ستبدأ الرّحلة عمّا قريب.
لأنّنا لا نزال نجلس في غرفتي
على حافّة النّافذة، فإنّنا نرى أحيانا أضواء
تبرق في حفر الشّارع. وقطرات المطر ترشرش
كما في قدح غرانيني. تجلب دوائر وهي تتّسع.
فقط مثلما شعور في منطقة بطنك. لينا كماء المطر
ينتشر مستمرا وخارجا تصير الشّوارع مزحلقة.
من ماء المطر تصير السيّارات صعبة الكبح.
امسكيني، تمسّكي بي! وعندئذ أضيّع
في الهذيان توازني. أترك نفسي تسقط.
أعتمد عليك. على وجهك يسقط ضوء مصباح
الشّارع أمام الباب وساقاك ألمسهما عن خطأ.
لا ذنب لي في ذلك.
بالطّبع تنطلق الكمنجات المرنة الآن.
ونحن نصمت، نذهل. والكاميرا تذهل
إلى لقطة فيك، عميقة جدّا فيك وثمّ
يرى المرء فقط ماء المطر يسيل.
*
ترجمة: عبد الرحمن عفيف