برنارد نويل – الاسم نفسه

أشخاص:
بلدان:

من أجل بْرِينْو رْوَا

اسمٌ واحدٌ للحياة والموت: اسمُنا

اِدْمون جَابيسْ

ـ أنا خائفٌ، قال وهو يُظْهِرُ كتابَه،

هناك اسمي الذي يريد قتلي.

ـ لا تخفْ، قلتُ، إنكَ ميّت سلفا.

ـ الخوفُ من الاسم

ـ أجل، الخوفُ من لا شيء.

سوف تصبح اسما.إنك اسمٌ من يرى عمل الموت؟ الاسم ليس وجها. إنه حفرةٌ بيضاء. ثُقبَةٌ مليئة باللاشيء.

ما يتخفّى

ما هو لغةُ اللغة

وداعُ المعنى:

جسدي.

يسمحُ الاسمُ بما لا يحدّده الموت.

أكتبُ

أنتقلُ إلى الطرف الآخر من اسمي

ما هو بعدُ وما هو أكثر

يختلطان

أكتبُ

أحقّق موتي

لقد ابتُذلَ البلَى

مع ذلك، هنا بالذات، هي ذي الواقعة:

سيظلّ على الدوام يبتذلُه

فكرةُ الموت هاربةٌ

كما هو الممكن.

أكتبُ لأبدّدَ نفسي في اسمي.

ما يلغيني هو أيضا ما يجعلني حرا. الاسم هو المنحدر الذي، بغيابه، أعود ثانيةً لا مفكرا وبالتالي حرا. ريح الحظِّ تهبّ خلفَ الاسم.

الحظ يمحو.

الاسمُ الذي يمضي لا ينتظر أبدا.

من الواقع انبثقَ حتّى ينغمسَ فيه

محقّقا.

إنه ظلّ الممكن.

ليس الاسمُ جوارًا: إنه به يتشبّه.

يعلِّمُ الاسمُ الموتَ. هذا التعلّم يفرض عليّ تحقيق موتي، إذن أنا أكتبُ بكتابتي تكبُرُ إمكانية موتي، وأصبح، أنا، مستحيلي الشخصيَّ، كذلك حظي، لأن موقفا كهذا يضعني خارجَ كلِّ قياس. والحدُّ المحتمل هو عتبةُ اللامحدود.

يجعلك الاسمُ وحيدا

اللامسمى، هو الماءُ في الماء.

الوعيُ بالموت يجعلك وحيدا.

يختزلُ الحيوان.

تُحرّر التسميةُ النهاية

ـ ألنْ تنساني؟

ـ أنسى جسدَكَ كلما نطقتُ باسمكَ.

ـ لتكنْ لغتُكَ في فمِ الحيوان

الذي يأكلُ اسمي.

ممكنا يجعلُ الاسمُ ما كانَ

يفضح الاسمُ هذه الإمكانيةَ

لن يستعيدَها فيه.

الوعيُ بالحضور يجعلك وحيدا. يتحوّل الفكر حركةً محسوسةً ـ كما هي استحالةُ إمكانية موتي. يظهر القلقُ، ينتشرُ، ينتصرُ. القلقُ ذكيّ يفتح الفمَ الأسودَ ليطردَ منه الخوفَ. عندئذٍ تأتي الحريةُ خفيفةً: حريّةُ أنْ تموتَ. والاسمُ يمرُّ.

يُنادى الاسمُ على الاسمِ.

كيف يفعل؟

يتخيّل الاسمُ.

يستلزم التخيّلَ، لكنْ بغاية أنْ

يتحداه.

بسخريةٍ ينقلب الاسم، لأنه الذي لا يتملّك، يحيا بلعبة التملك.

وظِلُّ الاسمِ أبيضُ.

صفحةُ ظلٍّ.

مكانُ الدلّة.

اللامسمّى: هو ما لم يعد موجودا.

الأصل

الاسمُ: عتبةٌ لا يمرّ منها ثانيةً نحوَ الحيوانية.

في اسمي، جدارٌ شفّافٌ يفصلني عن نفسي.

كنّا كلمات متصارعةً

ثمّ كان دخانٌ

أبيضُ

فيه الجسدُ فقدَ

واقعَهُ

بالدخّان إذنْ كنّا مجلّلينَ

فيما الكلماتُ كانتْ

في عيوننا تنبتُ

لا متناهين كنّا

ثمّ الآن مُختزليْنَ

إلى ثُمالة المقروء

يضع الاسمُ حدودَ الواقع. يخلقُ خارجا منه يهدّده. أكتب لأفتحَ واقعي على هذا التهديد.

يدخل الاسم السالب.

لو لم يكن لي اسمٌ، ما كان باستطاعتي أنْ أكونَ خائنا لنفسي. ما كان باستطاعتي المخاطرة بالموت، ولا حبُّ الليل.

اسمٌ

الاسمُ الأخيرُ

الأخيرُ

إنكارٌ

لتملكّي

من بحبّ الاسم خرقَ حضورَه الشخصي، ذلك الشخص لا يقدر بعد أن يعيش حقا، أي أنْ ينسى شقاوته.

الكتابةُ ولعٌ يتغذّى بالنظامِ الذي تكسِّرُهُ. إنْ هي لم تكن مباشرةً إلى الموت تذهبُ فهي ظلٌّ من الموت يحيا، ففي القبول ذاته بالحياة يعرفُ الكاتبُ تفكّكَ حياته.

الكتابةُ هي هذه الثّنيّةُ على حدِّ الموت الحقيقية والموت الوهمية: إنها تمنع من أ، تكون تحقيقا للكائن.

للتسمية أصلٌ معتمُ

هذه العتمةُ هي ما يعذّبها.

تبحث عن الشفاء منه بالضوء.

يُظْهِرُ الضوءُ الجُرْحَ وحدَهُ.

لا يقدر النهار على إضاءةِ الليل:

إنه يلغيه.

كلُّ شيء أو لا شيء.

هناك عيْبُهُ.

يريد الاسمُ أن يكون كلَّ شيء ولا شيء.

يُخْفقُ.

ولكنّه في مسار إخفاقه يتحقّقُ.

كلُّ إلاهٍ مسمّى لا يمكن أن يكون إلا غائبا

من لا اسم له لا يدّعي سوى نفسه ويرفض ما

ليس هو: إنه الحجابُ الحلول.

من له اسمٌ يصبحُ شفّافا لنفسه، يخترق ذاته.

ولكنه عندئذ بليلِ الآخر يلتقي.

ليس لي لا ـ اسمٌ.

لا فمَ للا ـ اسم.

ـ أتعلَمُ في أي شيء كلُّ الأشياء تتشابَه؟

ـ كيف لي أنْ أعْلمَهُ؟

ـ هل بمقدوركَ أنْ تعلَمَ ما لا تعلمَه بتاتا؟

ـ كيف أنطق به؟

ـ ألا تنطق باسمك أبدا؟

وعندها، في كلّ اسم هناك حقيقةٌ

ثابتةٌ، نعم ـ لا.

حلمتُ أنّي كنتُ ميّتا. أناسٌ كانوا ينطقون باسمي. حركةَ شفاههم كنتُ أشاهد. واسمي من شفة لأخرى كان يطير. لم يكن اسمي يعرفُ من أنا، لم يكن اسمي يعرف أنه اسمي.

بيضاءَ كانت الشفاه.

ـ لا نفلتُ من مشهد الاسمِ

ـ ما الأشدُّ رعبا في ذلك؟

ـ إنه لا يعني شيئا.

ـ ما يهمُّ، إذنْ، ذاكَ أو غيرُهُ…

ـ لا علم لي من أين أتى ولكنه مع ذلك فهو

الآن يعلنُ عن نهايتي

ـ ما الذي تخفيه عنّي؟

ـ أنا، بالعكس، أهبُكَ وجهي.

ـ شكرا، لقد سبق وكان لي من قبلُ وجْهٌ.

يَزْعُمُ اسمي أن يكون أنا.

كلّما فضحتُه كلّما به آمنوا وليس بي

يؤمنون.

” كلُّ الناس يعرفون منفعة النافع، ولكنهم معرفةَ غير النافع لا يعرفون “.

يضعُ الاسمُ اختلافَنا مكانَ هُويّتنا، لأنه ثابتُ ـ

كما هو سطحُ الوهم كلّه ثابتٌ.

على الاسم أن يبرزَ الهوَ هوَ، لكن الهو هو يخوننا ويأخذ مكاننا.

الاسم يفتّتُ الوجهَ: تعيد السماتُ تركيبَ

نفسِها في حروف ـ وحده نشيدُ الأدلّة يبقى.

لو كنتُ حاضرا في اسمي، لما كان لاسمي

معنى.

لم أعد بعدُ شخصا. أنا اسمي.

تفترض التسميةُ أن نكون قادرين على تحمّل

فقدان ما نسميه ـ الفقدان الذي لا مفرّ منه

للإبداع.

تَفْرزُ الطبيعةُ.

والاسمُ مضادٌّ للطبيعة.

لا، تقول الموتُ، التي تنطق بالاسم على الدوام.

جسدي هو ما يفلت فس اسمي أردتُ أن أكتبَ

في الاتجاه المعاكس، أكتب لأسلِّمَ جسدي.

بوُدّي أن نرى دُفعةً واحدةً: الاسمَ، العُريَ المهدّدَ، العذابَ، الجُثّة.

أنْ نسحبَ الضمانةَ معناه أن نبدّل الاسمَ.

يكبتُ المعنى اللامعنى.

نُوِيلْ يكبتُ ليُون.

ليُونْ يخفّف من غلْوَاء نُويلْ.

نُوِيلْ بُهتانُ ليُونْ.

ليُونْ هو الثّقْبُ الخفيّ بنُويلْ.

حيث يتبدّى اللا ـ مقُولُ،

يُصْرَعُ الجنسُ

حتى الموت.

_________________

المصدر: هسيس الهواء/ أعمال شعرية، برنار نويل، ترجمة: محمد بنيس، سلسلة تجارب شعرية: دار توبقال، الدار البيضاء ـ 1998م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى