بقليل من الحطب
أُحْيي الآن ذكرى الشجر
ذكرى غابات كثيرة نبتت في ذاك الماضي في رأسي
وكنتُ طيورها
وحطَّابها
والمشتعلين في مواقدها.
شجرٌ أحاول الآن بقليل من الحطب إحياء ذكراه
ذكرى طير ملوَّن حطَّ على غصن أمامي وطار
ذكرى سُحْلية على صخرة ليتني استلقيتُ قربها قليلاً
ذكرى ثمار حسبتُها أفئدةً
وأفئدةٍ حسبتُها ثماراً وقطفتُها
وإلى الآن لا أعرف ماذا أفعل
بدم تلك الغصون.
بقليل من الحطب المتبقّي في قلبي
أُشعل سيجارة
وأرى في دخانها رفاقي
الذين ماتوا سكارى على الطرقات
الذين عبروا النهر بلحظة واقتادوا اليباس في تجوالهم كي يكون لهم رفيق
الذين نخزوا في عروقهم أخيلةً علَّ الدم الضجر في شرايينهم لا يبقى وحيداً في الليل الطويل
رفاقي
الذين في عيونهم طرقات
وقطارات
لا تتوقف في محطَّة
الذين تركوا المفاتيح في الداخل وصفقوا الباب ومشوا
وفي بحار نظراتهم وُلدت أسماك غريبة
وصنَّارات
رموها
واصطادوا عيونهم.
من الحطب المتبقّي من غابات ماضٍ بعيد
أُشعل سيجارة
وأُحاول أن أختبئ تحت دخانها
وأُخبّئ معي موتى لا يُحْصون
تحت دخان سيجارة أُخبّئ موتى وأُخبّئ أحياءً كي لا يموتوا
أُحاول أن أطرد الموت
بدخان.
بالحطب المتبقّي
بالدخان المتبقّي
أُحْيي ذكرى شجر وناس
تعانقوا
وصاروا دخاناً.