استيقظ غريغور سامسا ذات صباح، إثر حلم جميل ودَّ لو أنه امتد لفترة أطول. كانت الساعة تشير إلى السادسة والنصف صباحاً، ولديه من الوقت ما يكفي لكي يغتسل ويرتدي بزّته الرمادية ويتناول طعام الإفطار. ابتداءً من اليوم لن يشغل باله بالتفكير في اللحاق بقطار الساعة الخامسة. شعر بالسعادة وهو يلفّ ربطة عنقه، فقد دفع أمس آخر قسط من ديون والده بعد أن قضى ست سنين مرهقاً نفسه بالعمل بائعاً جوّالاً، قافزاً من قطار إلى آخر. اليوم سيبدأ عمله الجديد مساعداً لمدير الشركة، وهي وظيفة استحقّها نظير جهده. غادر حجرته متوجّهاً إلى المطبخ، حيث أعدّ فنجاناً من القهوة ودهنَ قليلاً من الزبدة على قطعة خبزٍ تناول منها قضمتين، قبل أن يلقي بالباقي إلى والدته التي وضعها في قفص منذ أن تحوّلت إلى سنجاب. حمل شريحة لحم متوسطة الحجم وتوجّه إلى غرفة والديه، حيث يرقد أبوه مربوطَ القدمين بسلسلة متّصلة بثقل حديدي ضخم، كان قد اشتراها خصيصا من مدرب الدببة في السيرك. عندما دخل غريغور حاملاً شريحة اللحم، كان الأب ما يزال نائماً، فلاحظ أن فرو والده الأبيض قد بدأت تظهر فيه بعض البقع السوداء. فكّر غريغور أن يُحضِر الطبيب البيطري عند عودته في المساء، ولكنه سرعان ما استبعد الفكرة، فما من طبيب قد يقبل أن يفحص دباً ضخماً في مكانٍ كهذا. لذلك قرّر أن يستشير مدرب السيرك بعد أن ينتهي من عمله.
عاد غريغور إلى المطبخ ليغسل يديه عندما حطّت أخته على كتفه، ابتسم لها وهزّ كتفه، فـرفرفت بجناحيها الأحمرين المنقّطين بالأسود، ثم طارت. لقد توقّف عن محاولات إمساك شقيقته خشية أن يسحقها بلا قصد. غادر غريغور المنزل متوجّها إلى الشركة، وهو يحاول أن يدرّب أذنيه على لقبه الجديد “السيد مساعد مدير الشركة”… كان يوماً جميلاً.
479 دقيقة واحدة