تعلمت السرقة في سن مبكرة . لم تكن مقدرة الأسرة التي غاب عائلها تفي نزق الولد الصغير و تسد جشعه ، كان عليه أن يسده بنفسه .
كان كرم العنب المسيج بالتين الشوكي و شوك النخل أول ما وضع الأشقياء الصغار أرجلهم الحافية في جنته الممنوعة . تختلنا كالقطط الجائعة و زحفنا على بطوننا ، كانت عشبة الحلفاء تترك خطوطا حمراء فوق جلودنا نصف المكسوة بالثياب القديمة . الليل ساكن و حارس الكرم يتعشى في حضن زوجته . لم يكن مبرر للزحف إلا الخوف ، و لم يدفعنا للمواصلة إلا عضة الجوع
لا رفاهية مع الجوع . أكلنا العناقيد الخضراء قبل الناضجة ، ابتلعنا البذور مع اللب الطري ، كانت الحبات تسقط في فم الحرمان
عدنا مرة و مرة و مرة ، أكلنا من كل بستان صادفنا ، أقلعنا عن الزحف ، و عن الخوف ، قفزنا كالغزلان فوق العشب ، و تقاذفنا بحبات المانجو بدلا من الكرة القماش المحشوة بالفقر . كسرنا أقفال الدكاكين و أخذنا كل شئ إلا المال ، كان سخيفا جدا بجوار كل هذه الحلوى التي لم يتاح لنا الشبع منها مرة أبدا
كنا نذهب لنسرق المتعة ، و نرمي البراءة التي لا تقيت ، و الفضيلة التي لا تشبع بطنا ، عميقا في جدول الماء و نحن نعبر للحياة الحلوة و نضحك ، حتى إذا جعنا أكلنا من رزق الله
ذقت طعم اللذة المحرمة ، الرعشة الباردة أسفل عنقي ، و دفقة الأدرينالين التي طيرتني من على الأرض و أنا أفر من عصا الغفير اللاسعة
سرقت الكرم والنخل ، الحبحب والرمان ، حتى الفول النابت في أوقات القحط . سرقت الكتب و القبلات و رائحة الچاوا من أجساد الحلوات الأكبر سنا
ونسيت في غمرة جوعي أن أسرق كيسا من الحب لساعة موحشة كهذه الساعة .