إلى دونالد كلارك
مخدّرة وناعسة لكنْ لستُ غافية
سمعتُ إبنةَ المريضة العمياء التي تشاركني الغرفة
بينما تساعدها في تناول طعامها:
“ما هذا؟ قَرْع؟”
“لا، إنّه سبانخ.”
.
بُعَيْدَ عودتها من فحصٍ للدماغ،
أخذتْها الغفوة على صوتِ المسلسلات التليفزيونية:
الخيانة الزوجية، فقدان الذاكرة، صفقات الأعمال السرّية،
أروقة المستشفيات البيضاء الطويلة…
لا فصل بين الحياة والفن.
.
تناهى إليَّ هَمْسُ مُمَرضتيْن:
السيّد مالكومسون فارقَ الحياة.
وما هي إلاّ ساعة حتى عادتْ إحداهن لتقول
بأنّ غرفة خاصّة باتت شاغرة.
.
نسمةُ ربيعٍ باردةٍ هزّتْ الستائرَ البلاستيكية.
استلقيتُ على السرير الجديد وحضرَتْني رؤيا
لأرواحٍ مكدّسةٍ الواحدة فوق الأخرى
كجلودِ الحيواناتِ المسلوخة
تحت روحي المريضة، المُثقلة بالحزن،
إلى درجةٍ تحول دون ارتفاع
البقيّة الرازحة.
.
لا أنابيبَ من شتى الألوان
تلتفُّ تحت الأغطية؛
لقد توفّرتُ على السِمَات الحيوية لإمرأة مُعافية،
في أوائل خريف العمر،
وليس من شيءٍ ليُشَقَّ أو يُضمّدَ،
ليُستأصلَ أو يُستبدَلَ.
.
أسبوعٌ في شبه غيبوبة.
الشمسُ والقمرُ ارتفعا وغابا
فوق الفِناء المُسوّر،
الأشجار …
الطبيبُ بان محيّاه واختفى
عند قدم السرير.
بمسارٍ بطيء، أخذتْ سُحُبُ الكآبةِ الغريبة
بالإنحسار.
.
مع شفائي وعودتي إلى حجرة جلوسي
جعلتُ أنظرُ إلى الطاولات، المقاعد، الصور،
بشيءٍ من البهجة، إنما وأنا شاحبة، دائخة،
كأنْ من علوٍّ شاهق.
تركتُ الهاتفَ يواصلُ رنينَه،
رسائلَ البريدِ تتراكمُ غير مفضوضة
على الطاولة في الصالة.
*
ترجمة: آمال نوّار
من مجموعة “مُغاير”