وهذا الميناء الاسباني، القرصاني التنوع ذو الفنار أحادية العين، وهذا البحر الضوضائي الملعون، وهذا المرفأ المصفر الباهت، المغطى بالسخام، يقدم
عبر الشرفات البيضاء ذات الحديد المشغول مشهد للقرن التاسع عشر. ويمكن أن نتطلع في ملامحه الى القسمات الافريقية في كل لحظة ـ فأسقفه المغطاة ساخنة كالمقالي
تتبلها الصرخات، وما بين عربات الوجبات السريعة
لا يستطيع المسلمون الملحقون كالملائكة أن يسكنوها.
وفي لفحة الظهيرة يصبح أحد المطالب
هو عجلات التجديف بصدئها وصراخها الببغائي،
تصفر عندما تستدير، والسيد كريتز (1) عن الأبرار.
فلتنتظرن على الضفة اليمنى في الحلم الامبراطوري
لنهر التايمز وليس لنهر الكونغو. ومن الأشرعة التي تحتضنها الجزيرة الصغيرة
في حوض السفينة الشراعية الى الواجهات ذات الألواح الزجاجية
لفندق “هوليداي إن” خطوة واحدة، ومن الفاقة الى الجشع
عبر النهر المكتظ بالمرور الدائري
خطوات أخرى قليلة. وليس لدى العالم وقت ليتغير
الى زي الاستقبال المزركش من لباس الخصر الافريقي
لذلك، عندما تسدل المتاجر الستائر مثل الامبراطورية المضمحلة
وتخبو حركة البنوك مثل قمم مملكة الكش الهندوسية،
تهب ريح خفية، مصممة مثل جامع القمامة على الإلقاء بالفضلات
في البالوعات. ومن العسير أن نغمض العين عن صورة
الماضي لأعمدة النور تلقي بأفرعها فوق شوارعها المسيجة،
بينما المساحات العامة قد شققتها بذور أدغالها الغاضبة.
*
ترجمة: نزار عوني
من ديوان: (منتصف صيف)