منتصف الليل وينزل مطر خفيف.
أجلس على دَرَجات الشرفة الأمامية لأدخّن.
عبر الشارع نافذة مضاءة، يملؤها
سلّم يقف عليه شاب.
رأسه ينخفض باتجاه إطار النافذة كل مرة
يغمس فرشاته فيها بالطلاء.
.
إنه يطلي مطبخه بالأبيض، مغطّياً
بأناة الأصفر الباهت بضربات طويلة.
ينحني على عمله كعاشق، مخاطراً
بفقدان التوازن، عائداً برشاقة
إلى وسط الدَرَجة ليغمس فرشاته
ويبدأ ثانية.
.
تظهر امرأة أسفل السلم، تستعير
طلاء تغمّس به فرشاتها الرفيعة
كلسان. كنزتها بلون
الحامض. إنها بداية
حبّهما، عار وبسيط
كتلك الغرفة المبلّلة.
.
أشعر بوجع في وركي الجاثم على الإسمنت الرطب،
أمضي به إلى الداخل، وآتيه بوسادة
ليستريح. صرت عجوزاً
على الجلوس على الشرفة تحت المطر، ومشاهدة الصباح
يشرق على السطوح.
.
عجوز على الرقص
في دوائر في حانات قذرة، يد رجل
مشدودة على ظهري،
صندل زهري يتدلّى من أصابع متعبة. الحب،
كبرت كثيراً عليه، ألسنة الغرباء
الطليقة في فمي، أسنانهم التي قرعت
على نهديّ من الحلمتين كأجراس ناعمة.
.
أريد أن أستعيدها. الأقراط الحمراء والصدريّة
الزرقاء. الشفتان المشبعتان لعاباً. العضلات
التي تنفتل كحبال المراكب في رياح عاتية.
وحيث البطون تصير وسائد. لا هذا الوجع في وركي.
.
أريد الفتاة التي تخترق مكاتب المراهنة الزرقاء
من الدخان والبيرة الذهبية، ثم تخرج وحيدة
إلى ضباب صيفي لتقف تحت هالة
مصباح الشارع الكهرمانية، وراحتاها الزرقاوان
مكوّرتان على شعلة عود الثقاب.
.
كان يمكنها أن تحظى بحيوات كثيرة. أن تفرّ مع
فتى إلى أريزونا، أن تعيش في مزرعة
تحت تموّجات من الصخر المنحوت، ويداها
تصطبغان بلون الرمل الأحمر المسطّح. كان يمكن أن تقول
بلى لامرأة بأصابع مستدقة الأطراف كالشموع،
أو لرجل ينام في خيمة قماش، الذي طرحها
على فرشته العشبية حيث جعلت
نفسها فارغة كحلقة من النار.
*
ترجمة:سامر أبوهواش