1- 20
لكنْ ما الذي يمكن أنْ أكَـرِّسَه لك، سيّـدي، قـُلْ،
يا مَنْ علـَّم المخلـوقاتِ أنْ تسمـعَ ؟-
تـَذكّـُري يـومَ ربـيعٍ،
مساءَه، فـي روسيـا، حصـاناً…
.
عَـبْـرَ القـريـة جـاء الحصـانُ الأبيضُ بمفـرده،
والوثاق على قائمته الأماميّـة فوق الحافـر،
ليقضـيَ اللـيلَ في الحقـول وحيـداً كمـا يشاء؛
كيف لطَمَتْ خُصلـةُ لـُبْـدتِـه
.
رقَـبَـتـَه في إيقـاع حَمـاسيٍّ
بـعَـدْوِه المُـعَـوَّق المُـقَـيَّـد.
كيف نَطَّت مجـاري دم الحصـان!
.
تَحَسّسَ المسافـاتِ، وآه!
غَـنّـى وأصغـى-، تَكـرارُ قـولِـكَ
كان مَختومـاً فيـه. صـورتـُه : أكَـرِّسها لـك.
.
1-25
لكنِ الآنَ أنتِ، المُختَطَـفة َ، أنتِ التي عرفـتُ
مثـلَ زهرةِ، لا أعرف الاسمَ منها،
أريد أنْ أتذكّـرَها مرةً أخرى وأ ُرِيَـهمْ إيّـاها،
الرفيـقةَ الحسناءَ للصَّيحـةِ الجّـامحـة.
.
راقصـةٌ أولاً، جسمها مُمـتلِـئٌ تَـردّدأ،
توقَّـفتْ فجـأة ً، كما لو صَبَّ أحدهمْ شبابَها في قالب نحاس؛
معانية ًومُصْـغِـية ً-. وهنا، من القِـوى العُـليـا
سقطت الموسيقى في قلبـها المُـتَبَـدِّل.
.
قريباً كان المرض. تغـلّبت الظِّـلال وضايقت بعـَتـمَتِها
مجرى الـدَّم، ولكنْ كما لـو كان مُـتـََّهـماً هـارباً،
تدفـقَ قُـدُماً في ربيـعـه الطَّبيـعيّ.
.
مرة أخرى، مرة أخرى، مُـتَقـدِّماً مُـتوقِّـفاً بين عَـتـَمةٍ وسُـقوط،
أومضَ حـياة ً. وبعـد خَفـَقـاتـه الرَّهـيبـة
دخـل البابَ المفـتوحَ المُـوحِـشَ.
1 – 26
لكنْ أنتَ، الربّـانيَّ، أنتَ، المُدنـدِنَ حتّى النهاية،
الذي أدركه حشدُ المِنـاديّـاتِ المُستهتِـرات،
أ ُخمِـدتْ صيحاتُـهـنَّ بتـراتُب، أيها الجميـل،
وارتفـع عـزفـُك البنّـاءُ منْ بين المُـدَمِّـرات .
.
لم تكنْ واحدة هناك استطاعتْ أن تُحطِّم رأسَك وقيثـارتـَكَ.
كيف أنَّهن قَصَـفـْنَ واستَرحْنَ، وكلُّ الحجارة الحادّة،
التي صَوَّبْـنَها إلى قلـبك،
صارتْ ناعمـةً عليـك وحَظِـيَتْ بسُمـاعٍ.
.
وفي النِّهـاية مَـزَّقْـنَك، مُتَـأجِـجْـنَ للانتقـام،
بينمـا بَـقِـيَ الرَّنـيـنُ في أسودٍ وصُخـورٍ
وفي الأشجار والطّيور. هناك لا تزال تغـنّي الآنَ.
.
آه! أيّـها الإلـه الضّائـعُ، أيّـها الأثـرُ الأزلـيّ!
لأنَّ العَـداوةَ وحدها قَطَّعَـتـْـكَ أخيـراً إربـاً إربـاً،
نحن الآن المُستمِعـون وفـَـمٌ للطبيـعة.
*
ترجمة : د. بهجت عباس
* من مجموعة ( مراثي دوينو وسونيتات إلى أورفيوس – فيشون ميديا )