صباح الخير.
هل تذكر قديماً، عندما كنت أسرع للنوم عند تكاثف النقاط السوداء على شاشة التلفزيون؟ كنت أغلقه بسرعة قبل أن تشفطني الشاشة ويلتهمني العدم. العدم في خيالي الطفولي كان متسعاً كالصحراء، ضيقاً بحجم التلفزيون الصغير. كنت أثق انهم يعرضون آيات القرآن لطرد الأشباح ذات العين الواحدة قبل أن تتسرب وتلتهم الصغار المشاغبين .
طنط صفاء كانت تخبرني أن المسيح الدجال بعين واحدة تشبه العنبة الحامضة سيأتي ليبتلع كل من يتركون الصلاة، ويسحبهم إلى بئر عميق، كنت أثق أنه سيخرج لي من شاشة التلفزيون وكنت أغلق التلفزيون بسرعة قبل أن تبدأ مرحلة (الوششششش).
كلما مرت سنة انفتحت فرجة صغيرة بين عقلي الباطن وعقلي الواعي حتى أصبحت الفرجة الصغيرة نفقاً كبيراً، واندلقت منه كل الحكايات والذكريات المرعبة لأجدها تتجسد أمامي في فيلم كرتون، حتى مسيحك الدجال وجدته هناك.
كرة خضراء صغيرة بعين في منتصف رأس كبير. كيف لمسيحك الدجال أن يظهر في أدوار البطولة ببساطة هكذا دون أن يبتلعني ويرميني في البئر؟، يبدو أنه مازال ينتظر اللحظة المناسبة لينقض عليّ من الشاشة، سأعرّفه أولاً على شقة طنط صفاء في العمارة المقابلة ليختبئ في دولابها هو وصديقه (شلبي سولوفان) حتى يكون دورها أسفل مني في البئر السحيق لأراقب خوفها وأضحك على الكبار المرعوبين من صديقي (مارد وشوشني) الذي احتضن دمية صغيرة تشبهه وأنا نائمة .
الآن أصبحت كبيرة لا أخاف من التلفزيون، لكني أتركه مفتوحاً حتى أخيف الأشباح التي تهيم في الغرف الفارغة لتنام على الأرائك وتخفي الملابس وأحياناً تكون جائعة فتلتهم الطعام.أفكر في مزاجها الآنى وأحاول اختيار القناة المناسبة، بالأمس كان عيد ميلاد أحد صغار الأشباح، فتركت التورتة والشموع مضاءة، وتركت دميتي المفضلة ذات العين الواحدة لتغني معهم (هابي بيرث داي تو يو).
في الصباح وجدت السفرة ممتلئة بأطباق فارغة، والباقي من دميتي ملقى على الأرض، الأشباح التهمت مسيحك الدجال الصغير.