مثل قطع بازل متناثرة أحاول ترتيب حياتي كل يوم، اللوحة الإرشادية تخبرني أن ثمة طريقة واحدة للترتيب لكني على يقين من تعدد الطرق، الأشكال تتلاشى حولي، لماذا لا تمنحني الحرية لأعيد ترتيب حياتي كما أريد، الطرق الخلفية في عقلي لايصلها الضوء، وأنفي الذي أكرهه يسطع الضوء فوق حافته، الليل أقصر من أن أقبض على نجومه من نافذتي في كل مرة أبدأ في العد، صدقني الأمر يتجاوز الحزن، الأسباب التي ترغمني أن أنسى أنفى وأضحك تلاشت، هل تفهمني؟
الصبية النحيلة التي كانت ترتدي البحر كمعطف تكتفي الآن بمتابعة أضواء السفن في الليل؛ لتتخيل حكايات عن قباطنة ومهاجرين لم يمنعهم الخوف من التقاط صور مع ابتسامات تضيئها نجوم المساء التي تصلهم على القوارب المطاطية ولا تصل الى نافذتي، ما معنى النافذة بالنسبة لك، وهل تهتم إذا كنت أقصد بالنافذة شبّاكاً أو شرفة أو بلكونة انها بالتأكيد ليست شرفة، المساحة الفضاء من الأرض المجاورة اختفت الآن وحلت محلها بناية من أحد عشر طابقاً، مع كل طابق كنت أرى حبيبات الأسمنت عالقة في غبار الشمس وفي ملابسي المعلقة على حبال الغسيل وعلى شعيراتي البيضاء المشعثة المتناثرة في مقدمة رأسي، كنت لا أهتم بهم من قبل لكن الرابعة والثلاثين سن يجبرني على الالتفات للشعيرات البيضاء -بالرغم من قلتها – لكن مؤشراتها تربكني، ماذا لو التصقت بها حبيبات الأسمنت لأتحول إلى ميدوسا دون حتى أن امارس الجنس مع بوسيدون؟ هل تعرف بوسيدون؟ لا أظن. ربما أحكي لك حكايته في رسالة قادمة، سأذهب الآن لأحاول الابتسام أمام المرآة، أرجو أن تغمض عينيك عن محاولاتي البلهاء حتى لا أشعر بالحرج، شكراً.