سان جون بيرس – أنشدته التي كانت هنا

أشخاص:
بلدان:

أيّها الحبُّ آه ياحبّي، لا نهائيّا كان اللّيل، ولا نهائيا كان سهرنا.

حيث وجود كثير تَلفَ.

أكون لك المرأة، وبدلالة كبيرة، في ظلمات قلب الرّجل.

ليل الصّيف يستضيء في خصاص شبابيكنا المغلقة، والعنب الأسود يزرقّ. في الأرياف، ونبات الكَبر على حوافّ الطرق يُظهر لحمه الوردي، وشذى النّهار يستيقظ في أشجاركم ذات الرّاتنج.

أكون لكَ المرأة، آه يا حبّي، في صموت قلب الرّجل.والأرض، لحظة يقظتها، إهتزاز حشرات تحت الأوراق :

فهي إبرٌ ونبالٌ تحت كل الأوراق…

وأنا أصغي، آه ياحبّي، لكل الأشياء تمضي إلى نهايتها: بومة بالاس (2) الصغيرة

تُسمع زقزقتها في شجرة السّرو، وسيريس(3) ذات اليدين الرقيقتين تفتح لنا ثمار شجرة الرّمان وجوز كيرسي(4)، والفُرنب الصّغير يبني عشه في أيك شجرة كبيرة، والجراد الحاج ينبش التراب حتى قبر إبراهيم.

.

أكون لك المرأة – حلم كبير في كل مجال قلب الرّجل :

بيت منفتح على الأبد، وخيمة منصوبة على عتبتكم، واستقبال حفيّ وانحناء لكلّ

وعود العجائب.

مراكب السماء تهبط التّلال، وصيّادوا الوعول كسروا أسيجتنا، وأنا أصغي فوق رمل

الممشى إلى ضجيجَ محاور الإله الذهبيّة التي تعبر سياجنا … آه ياحبي ياذا الحلم الكبير، كم صلوات أقيمت على عتبات بواباتنا ! وكم أقدام عارية عبرت فوق جليزنا وفوق قرميدنا!…

.

أيّها الملوك الكبار(5) الرّاقدون داخل توابيتكم الخشبيّة تحت البلاطات البرونزية،

هاهو، هاهو بعض من قرباننا لأوراحكم المتمرّدة :

إنحسار الحياة في كل الأخاديد، ورجال منتصبون فوق كل بلاط، والحياة تسترجع

كل الأشياء تحت جنحها!

.

شعوبكم المبادة تنبثق من العدم، ومليكاتكم الطعينات يتحوّلن إلى يمامات في العاصفة، في اقليم الصواب (6) عاش آخر فرسان القرون الوسطى، (7) ورجال العنف ينتعلون المهاميز لأجل العلم. وبكتابات التاريخ الهجائية تلتحق نحلة الصّحراء، وعزلات الشرق تمتلئ بالخرافات. وال

.

أكون لك المرأة، آه يا حبي، في كل أعياد الذاكرة. أصغي، أصغي، آه يا حبي

للضجيج الذي يحدثه حبّ كبير في انحسار الحياة. كل الأشياء تعدو نحو الحياة

مثل بريد الممالك.

.

بنات الأرامل في المدينة يمشطن جفونهنّ، والدّواب القوقازيّة البيضاء تُشترى

بالدّينار، صبّاغو الأثاث الصينيّون الشيوخ أيديهم جمراء فوق زوارقهم التي من خشب أسود، والقوارب الهولندية الكبيرة تضوع برائحة القرنفل. احملوا، احملوا أيّها الجمّالون أصوافكم الثمينة إلى أحياء اللّبادين. وهو أيضًا زمن زلازل الغرب الكبرى (8)، عندما تشعل كنائس

.

آه يا حبي، يا ذو الحلم الكبير، قلبي منفتح على الأبديّ،

وروحك تنفتح على الممالك،

لتكن كل الأشياء التي هي خارج الحلم، وكل الأشياء عبر العالم، لتكن راعيتنا

على الدّرب !

.

الموت ذو القناع الإسبيداجيّ يطلع في أعياد الزّنوج، هل يغيّر الموت وهو في

زيّ الساحر الإفريقي لهجته؟.. آه كلّ الأشياء القديمة آه! كل الأشياء التي عرفناها، وكل الأشياء التي عشناها، وكل ما يجمعه خارج الحلم زمنُ ليل الإنسان، ليكُنْ قبل النّهار نهبًا وعيدا ونار جمر لرماد المساء! – ولكن اللّبن الذي يستدرّه الفارس التتريّ في الصّباح

سان جون بيرس 1968

__________________

تعليقات

1. آناباز: كلمة آناباز مشتقة من الكلمة اليونانية أنابازيس وتعني الغزو الدّاخليّ، القارّي بعيدا عن البحر.. وقد وضعت عدّة كتب إغريقيّة قديمة بهذا العنوان؛ لعل أشهرها كتاب إكسينوفون، وكتاب آريان. وأطلق أيضا هذا الإسم على غزوة قورش الأصغر في آسيا. كما سمي

2. بالاس: اسم آخر للآلهة اليونانية اثينا. وبومة بالاس في القصيدة هي اشارة إلى الجهد الإنساني العام في طلب الحكمة، و المعرفة.

3. سيريس: آلهة الزراعة عند الرومان، وهي تقابل ديميتير لدى الإغريق.

4. كيرسي: منطقة تقع في الحوض الاكيتاني لفرنسا.

5. الملوك الكبار: اشارة إلى الأباطرة الرومان.

6. الصّواب: هو النطق الفرنسي لدوقية اشفابن الألمانيّة الشهيرة؛ التي حكمتها عائلة هوهنشتاوفن الذّائعة الصّيت. و قد انهارت في عصر الاصلاح، تقع أراضيها اليوم في جنوب غربي ولاية بافاريا

7. الرّييتر: هم فرسان القرون الوسطى، ويقصد بالضبط الفرسان المرتزقة الألمان.

8. زلازل الغرب وكنائس لشبونة : اشارة ايهامية إلى زلزال لشبونة الشهير في القرن الثامن عشر. الذي شغل الوعي الغربي انذاك في مسألة استحقاق الشر الذي يقع على الأبرياء بحكم قضاء إلهي وقد كتب عنه فواتير صحائفه الشهيرة.

قصيدة سان جون بيرس من آخر دواوينه الذي بنفس العنوان

*

ترجمة و تقديم :خالد النجار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى