“وجدوا لفافة الكفن منزوية في عمق القبر، عالقة بها خصلات من شعرها الكستنائي الطويل، وما زالت رائحتها ملتصقه به. أكدت رائحتها الندية الفواحة من ثنايا الكفن هربها. علل المحقق استنتاجه بقوله: “لو أنها بقيت بعض الوقت لتخمرت الرائحة، وشابها ما يشبه انتشار رائحة نتن البول القديم”.
وكان الاستنتاج المبدئي المنساق لمقولة الهروب، أن أسوار مقبرة الأسد، أسوار منخفضة، مكنتها من القفز إلى الشارع العام. هذه الفرضية قابلها سؤال تشبث في مكانه كمسمار صدئ غرسته فوهة العقيد نبيل تركستاني (كأول محقق استلم القضية، وعزف عن المواصلة فيها، بعد أن أمضى سنوات عمره مطارداً المجرمين على اختلاف أرصافهم وفاكاً عقد جرائم غامضة عديدة): لو صح هروبها، فهل تهرب عالية، في حي يعيش عيشة نمل، يتبادل سكانه حالات اليقظة على مدار اليوم. تمادى العقيد نبيل في وضع حواجز أمام هروبها منفردة، بأسئلة متسلسلة على هامش القضية: كيف لها أن تزيح غطاء القبر، وهي الضعيفة القصيرة؟ لا يمكن أن تهرب في وضح النهار، لخطورة اكتشافها من خلال الحارس، أو شرفات العمائر المحيطة بالمقبرة، وإذا كان هروبها ليلاً فهل بقيت داخل القبر أم خارجه؟ يبقى السؤال متى هربت ومن ساعدها على الهرب… عادت فكرة هروب الفتاة الشابة من قبرها، تسيطر على فريق البحث، بتأكيدات لا تقبل المحاجة. بت على يقين أن أحداً ساعدها على الهرب. أزاح لها غطاء القبر، وجلب معه ملابس لتستتر بها، وتولى مهمة إخراجها من المقبرة بطريقته، فمع من هربت. فحّصت كل أوراق القضية، بحثاً عن الشخص الذي يمكن أن يكون قد ساعدها على الهرب، وفي كل مرة اصطدم بما يخيب توقعاتي”.
“تمنيت أن أقول له:
كلنا جرحى. ليس شرطاً أن تجِد دماءك تسيل على جلدك، ثمة دماء غير مرئية.”
“عندما تخاف من قول رأيك، فأنت لا تستحقّ أن تعيش.. حينما خلقنا الله خلقنا أحراراً.. حرية مطلقة. وعلى الجميع أن يُحافظ على هذه الهبة من غير نقصان.”
“المرأة مثل الرجل في مشاعِرها، فلا تقص جناحيها وهي تعلم أنك تقوم بهذا الفعل. طِرْ معها…”
“المرأة متى ما استطاعت أن تفعل كل شيء أمامك، لن تحتاج إلى الاختباء…”
“يسجل القدر الأحداث بعناية ولا يترك أحداً يفلت من فعلته”
“فقْد الحرية يُفقدنا المساواة. والمساواة تفقدنا العدالة. وضياع العدالة يجعل الظلم شخصاً مجسّداً.”
“يحتاج العظيم ان يؤمن انه عظيم ليقنع الاخرين بعظمته”
“غريب أمر الناس يأكلون بعضهم البعض كجيف ميتة.”
“غياب الوجه غياب لحضور الشخصية. الحجاب نوع من القطع والعزل. وأظن أننا لا نعرف طبيعة المرأة، لأنها تخبئ وجهها. وبالتالي تحولت إلى كتلة لحم، همنا مضغها من غير الحاجة إلى معرفة قبولها أو رفضنا مضغها لها. بينما يكون الوجه السافر دليلاً صريحاً لمعرفة خبايا النفس، فالروح تخرج متجولة على ملامح الوجه.”
“الجريمة واحدة، لكنها تغيّر فساتينها في كل مرة. ومهما تغيرت الأردية، يبقى الجسد هو الجسد.”
“حين تخلق سجناً كبيراً، على الناس أن يتدبّروا كيفية الهرب.”
“كلنا يشيّد بيتاً في داخله، ويرتّبه كيف يشاء. في ذلك البيت الداخلي، نخبئ ما لا نحب أن يكتشفه الآخرون.”
“لو أن كل امراءه مُنحت حق رفض زوجها ,
من غير انتقاص لكرامتها او عفتها وشرفها ,
لما حدثت الخيانه الزوجيه , ولما حدث الزنا أصلا .”
“فقد الحرية يفقدنا المساواة , والمساواة تفقدنا العدالة , وغياب العدالة يودي إلى السقوط الأخلاقي , وتغليب القوة”
“الذاكرة العارية هي ذاكرة الأصل، ذاكرة الحرية، بينما الذاكرة المحافظة هي ذاكرة الأنظمة والمنع.”
“مشكلتنا فقهية. فحين يتعطل الاجتهاد ويقف عند استلهام فترة زمنية محددة، تتحول الحياة إلى متحف، كل شيء فيها جامد. لذلك فالمحْوُ هو الوسيلة الأمثل لإعادة تصنيعنا كي نتلاءم مع واقعنا..”
“المرأة مثل الرجل في مشاعرها فلا تقص جناحيها و هي تعلم انك تقوم بهذا الفعل طر معها”
“حين يتغير اسمك، تتغير أقدارك”
“كلنا يشيّد بيتاً فى داخله، و يرتبه كيف يشاء، فى ذلك البيت الداخلى نخبىء ما لا نحب أن يكتشفه الآخرون.”
“في زمن الاحلام المره لا نتذكر الا الماضي”
“تحمل الأوراق روائح من نتحدث عنهم، حتى و إن كانت روائح اصطناعية، فالورق يحمل نية الكاتب الأول، كما الحلم يحمل الحقيقة…و لا يحملها.”
“ثمة دماء غير مرئية”
—————————————
عبده خال روائي وكاتب سعودي من مواليد إحدى قرى منطقة جازان(المجنة ) عام 1962 حاصل على بكالوريوس في العلوم السياسية جامعة الملك عبد العزيز عام 1982 واشتغل بالصحافة منذ عام 1982 وهو حاليا يشغل مدير تحرير جريدة عكاظ السعودية يعتبر أحد أبرز الأسماء في المشهد العربي للرواية الحديثة.