عن بيلاروسيا
ترجمة رشا صادق
حتّى أمّهاتنا لا يمتلكن أدنى فكرةٍ عن كيفيّة ولادتنا
كيف باعدنا سيقانهنّ وزحفنا إلى العالم
كما تزحف من الأنقاض بعد القصف
لم نستطع أن نحدّد من منّا بنتٌ ومن منّا صبيٌّ
أكلنا الترابَ معتقدين أنّه خبزٌ
ومستقبلُنا,
لاعبُ الجمباز على حبل الأفق الرفيع
كان يؤدي هناك
كأحسن ما يكون
دور العاهرة.
ترعرعنا في بلدٍ
حيث توضع أوّلاً إشارةٌ بالطبشور على بابك
ثمّ تصل عربةٌ في الظلام
ولا يراك بعد ذلك أحدٌ
لكنّ ركّاب تلك السيّارات
لم يكونوا رجالاً مسلّحين
ولا شريداً يحمل منجلاً
بل كانت طريقة الحبّ في أن يزورنا متخفيّاً
ويخطفنا
لم نكن أحراراً تماماً إلّا في المراحيض العموميّة
لقاء فكّةٍ صغيرةٍ لم يكترث أحدٌ بما نفعل
كنّا نقاتل حرَّ الصيفِ ثلجَ الشتاء
حين اكتشفنا أنّنا نحن اللغةُ
وأنّ ألسنتنا انتُزِعتْ فبدأنا نتكلّم بأعيننا
عندما اقتلعتْ أعيننا تكلّمنا بأيدينا
عندما قطعتْ أيدينا صرنا نتبادل النقاش بأصابع أقدامنا
عندما أطلقوا النارَ على أرجلنا
هززنا رؤوسنَا بنعم ولا
وعندما التهموا رؤوسنا حيّةً
زحفنا مجدّداً إلى بطون أمّهاتنا النائماتِ
كما لو إلى ملاجئ القنابل
كي نولد من جديد
وهناك, عند الأفق, مستقبلنا لاعبُ الجمباز
كان يقفز عبر الحلقة الناريّة للشمس.