تحملُ جرحها
المتخفّي بعناية شديدة
تحت ملابسها الداخلية.
ما زال ينزف.
إنها غلطة أمها،
حين تصوّرت
أن طفلتها
لن تخطئ.
إنها غلطة أبيها،
لأنه لا يملك ثقباً كثقبها
تالياً، لا يفهم.
إنها غلطة زوجها،
إذ يريد
إيقاف ألمها
إيقاف الألم.
إنها غلطة أختها،
التي تلقبّها بالجاهلة
فيما ألمها علّمها الكثير.
تستلقي بألمها.
هو سيف في سريرها
بين عشّاقها وبينها،
بين صديقاتها وأختها وبينها،
بين أبيها وأمها.
كلّ يوم تسنّه.
السيّدة “ميم”
ذهب ذهبُها. كبُرت
سقطت داخل قفصها الأبيض، القاسي
متدلّية العظام، بصرير مفاصلها
التجاعيد تقطّع ملامحها والابتسامات
التهمت أمّي، خدعتني بالحب
ناشفة مثل يقطينة مفتوحة
تلقاني كإحدى قريباتها، مثل عشيق حتّى
لكن وجهها رسم ستارته الشاحبة
على حفر يغوص في مستنقعها
وعيناها مغلقتان
فحمهما الأسود يلوّن نظرة دميتها الفارغة
هي نفسها رحلت.
سمكة السلمون
وقف الولد، مراهق
وسط نهر الحصى
قابضاً على سمكته الميّتة
عيناها الغائمتان
تتوسلان إليه
وعينه كذلك
غرق تدريجياً
كاحلاه اختفيا شيئاً فشيئاً
فيما السمكة مستلقية، باردة، في راحتيه
كانت الحصى ترتطم بجلده الأبيض الناعم
وتُدحرج مئات الأجنة من مخابئها
فيما الغريق قابض بإحكام على الأمّ
على جثّتها.
آمي الأخرى
تكتمُ سراً
ترعاه منذ سنوات طويلة
كبُر في داخلها
كشجرة
كل فرع
امتدّ الى عروقها
كأنه يغذّيها
لكنها في الواقع، هي التي تغذّيه
كل صباح
كنبتة خاضعة
يصله الماء
كل صباح
تكرّر على سمعه أفكارها
بصمت، تبني خريطة جذورها
لسنوات طويلة
إصبعاً إثر إصبع
لو علموا بسرّها
لأغلق وجوههم المفتوحة
كأبواب.
*
ترجمة: سوزان عليوان