إنسللتُ من تحت جلدي العكر، و تعلقت بأول رجل غريب يعترضني
ذهبت أنا و الغريب إلى بيته و قال لي “لا تخافي أعيش بمفردي”..
غالبا ما تكون البيوت المليئة بالوحدة مليئة بأغراض لا يستعملها أصحابها، ذلك لأنّ الوحدة هي التي تستعمل تلك الأغراض..
في بيته منشفتين و ملعقتين و وسادتين و نافذتين و إصيصين فارغين،
سألته إن كان لا يفكّر في زراعة بذور في تلك الأصص،
و قال لي “في غرفتي أصص؟! أول مرّة أراها” و ضحك
و ضحكتُ..
الوحيد غالبا ما لا يعرف كلّ ما يوجد في بيوته..
في بيتي يحدث معي نفس الشيء، أشياء كثيرة لا أتفطّن لوجودها إلّا حين يسألني عنها الآخرون..
آخر الليل لم يعد الغريب غريبا
صرتُ أعرف عنه كلّ شيء،
أعرف كم ندبة حرب في جسمه، وأعرف أنّه يعاني من القولون العصبي، و أنّ أمه كانت ستسميه حسن و لكن سمته أديب على إسم المطرب “أديب الدايخ”
و قال و هو يمسك أصابعي بين يديه “غنِ لي شيئا لأديب الدايخ”..
و شعرتُ بأنّ أصابعي تبكي بين يديه..
عرفتُ بعد ذلك أنّ صوتي كافيا لينام، أنّ صوت أي إمرأة كافيا لينام أي رجل وحيد في العالم،
عرفتُ بعد ذلك أنّه يتقن الرسم، قال لي أريد أن أرسمكِ، هل تسمحين بأن أرسمكِ تبكين..
“انتظر دقيقة” قلت له
توجهت إلى المطبخ، قطّعتُ بصلة صغيرة حتّى إمتلأت عينيّ بالدموع
“ارسمني الآن”
قال الغريب و هو يمسح دموعي بكمّ قميصه، لا يمكنني أن أرسم هذه الدموع
لا أستطيع أن أرسم سوى الدموع النازلة من القلب..
جلس الغريب يشرب البيرة الباردة و جلست أمام النافذة أحاول جاهدة أن أبكي من القلب
في الصباح وجدتُ دمعة على النافذة
و لم أعرف إن كانت نزلت من قلبي أو من قلب النافذة..
حملتُ حقيبتي و قلتُ للغريب، ارسم نافذة تبكي،
و رحلتُ..
232 دقيقة واحدة
ممتازة ❤️❤️❤️