نحن الكلابُ الحقيقيون
يزدادُ عواؤنا في العتمةِ
العتمةُ مَمْلكتُنا
الشاسِعةُ
المسكونةُ بالانتظارِ
والبردِ..
كنّا كِلابا مُهذَّبةً
نحْفرُ قبلَ التَّبرُّزِ
ثمَّ نردِمُ الماضي..
جِئنَا هُنا
قبلَ أنْ تبنوا هذه البنايات
وأنتم بعد لا تعرفونَ الكَلام
كانتِ الأرضُ كلُّها
لنا..
وعواؤُنا يعْمُرُ الليلَ.
أنْصِتوا إليهِ..
وهو يَعودُ
دُفْعَةً واحِدَةً
حينَ تنقطِعُ الكهرباءُ
وتخرسُ لبعضِ الوقتِ
آلاتُكُم
الحديثةُ.
تعْرِفونَ وفاءنا طبعاً،
انظروا ماذا فعلتم أنتم
بمصائر أصحابكم!؟
القِطَطُ الخبيثةُ
التي صاحبْناها مُرغمينَ
لأنها تعرفُ المدينةَ أكثرْ
حكتْ عن أعمالٍ غريبةٍ
درّبَتْها عليها بعضُ نسائكم
عن تفاهاتِكم في البيوتِ
التي لا تستطيعونَ الوقوفَ في نوافذِها
العَريضةِ
آمنينَ..
عَنْ بكائِكم في الليلِ
دونَ صوتٍ .
***
حين صرتُم كلْبييَّنَ تماماً
تركنا النَّهار لكُم،
لسَعيكُم الخائبِ.
نحنُ الكلاب الحقيقيونَ
لا نحملُ سوءاً لأحدٍ
لكنَّ خوفكم يوقظُ ذاكرةَ الطرائدِ
فينا
خوفُكٌم يُسْعرُنا .
فاتركوا الليلَ لنا،
لعوائِنا الذي نادراً ما يعودُ
بعد أن فارقْنا الرَّملَ
والزّراعاتِ .
ولا تركضوا وراءنا في الشّوارعِ
فالأحجارُ آلمتْ أجسادنا
وأقْعَدَتْ كثيرين منّا
ربَّما.. إلى الأبدْ.
*نص: حسن خضر
*من كتاب ذئب ونفرش طريقه بالفخاخ- أنطولوجيا النص الشعري المصري الجديد