المكان الآن :
– أفضت بنا الصحراء إلى باب المدينة العالي ، فذبلت قبائلنا خلف أعيننا !
– لن تفتح المدينةُ أبوابَها ، لأن تحت أظافِرنا أثراً من الصحراء والقبيلة ..
التوقيع : الفقراء.
( 1 )
يشفّ فؤادي . أعني : يموتُ دمي .
و يخضرّ جرحي . أعني : تقيلُ المناعةُ أبناءها ، فتجوعَ بلادي ..
يجيشُ بعيني الترابُ ، و يهدِمني إن جرحتُ إرادتَه
أقول له :
خلقنا من الطينِ ، لكنني لم تجف – مثلكم – أضلعي .
يقولُ :
خلقنا من الطين ، لكنني لم أكُن كأبي ،
و لم تأتِني النارُ مزدانةً بخيول النبي !
( 2 )
ليت هذا الترابَ عريضاً كهذا الجدار
ليتَه يقفُ الآن جنبي .
إنّ بي عاشقاً للهواء ،
سيحمِلني فوق كِتْفيه كيما أرى الأرض تغرقُ تحت قوائم سكّانها الخائفين .
و أرى كيف يتركُ حرّاسُها للحدائقِ أظهرهم ..
كيف ينجرحون أمام القصائدِ ،
يشتعلون أمام الحديثِ الصبيّ !
( 3 )
– ليتَ شعري ، يكون تلبّسها الجنّ ، عرسي !
كيف تقرأُ أورادها ، و أنا والكتابُ هنا
( خلف هذا النهار نمنّي برودة أطرافِنا بعصير الجراد المدينيّ ،
ندهنُ أشواقنا بالشعور الغبي ! )
ليتَ شعري ، يكونُ تناقلها الدمعُ ، بيتي !
هل سترفعُ أسقُفها ، و تفكّ زرائر أبوابها ليمر الشياطينُ بعدي ؟
.. فيشعلني في المدينة ” ليتُ ” ..
و ينهدّ في الجرحِ بيتُ !
( 4 )
كأني احتلمتُ برائحةٍ في المدينةِ ، مرّت
أمام الشبابيكِ ، بين الجنودِ ،
و غامت ، كميلادِ أمي ، بصدري .
كأنّي احتلمتُ بإمرأةٍ في الطريق إليّ ، تصلي
لكي يكسر الجندُ أبصارَهم .
كأني أنا ، رغم أني المدينةُ !
أحملُ في جبّتي حدثاً بائتاً للسياسة ، ذنباً تناثر من أوجه الخلقِ ،
حبّاً يخافُ القبيلة !
كأني احتلمتُ ببيتي ، فخرّت عوامِدُه في فمي ،
و ذابتْ مفاتِيحه في دمي !
( 5 )
أحبّك ، سبحانَ من جاء بالنورِ منكِ ،و زان بفستان عينيكِ عقد النبوّة .
أحبّك :
لمّا تجُعْ رحلتي، بعدُ ، أخشى الطريق المليئة بالشعرِ ،
أخشىالشفاهَ التي لا تدلّ عليك ،
و لا تنتمي – مثلنا – لبلادي .
أحبّكِ ،
مدي ذراعيك : لا تدعي الليلَ يجتازُ نحو المدينةِ ،
حتى تخبّئَ أبناءها ،
و تلمّ مصابيحها في عيون العجائزِ ،
مدّي ذراعيكِ : وانتظري أن تنام الجبالُ و أن ينزعَ اللهُ غلّ المساكين ،
أخشى عليكِ
إذا حدّثت عن هوانا الشبابيكُ أن لا نرى بين هذي البيوتِ
بلادي .
أحبّكِ ،
عيشي لأجلي ، لأني لأجلِك أطعمتُ عيني لباب المدينة .
أحبّكِ ،
قومي لأجلي ، لأني لأجلك أوسعتُ اِسم المدينة .
أحبّكِ ،
قولي ، لأجلي : ” إني لأجلك أجّلتُ موت المدينة “.
أحبّكِ ..
نامي ، و لا تدعي ليلهم مسرجاً عند عينيكِ ،
هم يسحبون دمي من وريدك ،
يرتقبون هدوئي بصدرك .
نامي ..
و لا تسمحي بالزيارة ،
قلبي هنا عند باب المدينة يبتاع أدعية لي و لك .
أحبّك ، نامي
لأن الذين يمرون حولَك لا يحتوون على اسمي .
فكيف سينفكّ هذا المساءُ ، ويترك أوجههم .. و أنا عند باب المدينة
أغفرُ ، باسمك ، لي .. و أصلّي .
فنامي .. لكي يخجل الكونُ حين تنامين ، مني و منك .
نامي ..
أحبّك .
( أصوات ربما تصل إلى باب المدينة )
( 1 )
– لماذا نموتُ هنا ، و المدينةُ خلف الجدارِ تكرّرُ فعلتها :
– ترتخي لتذوبَ السنابلُ ، أو
ترتخي ، ليعيش الجدار .
– ( .. )
– لماذا نعلّقُ أعيننا في الهواء ،
و نتركها خلفنا حين نغفو ،
و لا نتقصّى جراح الذين انتهوا ( عندما أكل الرملُ أوساخهم ) .
و الذين أتوا كالنبيين ، و اختلفوا في المدار؟
– ( … )
– لماذا تجيشُ أصابِعُنا بالحديثِ ، إذا ما تقشّر وجهُ المدينةِ ليلاً ،
و تخبو أماكننا حين نهمسُ :
قلبُ المحبّ جديدٌ كأشعارِه
_ ( … )
– و لماذا تفجّرُ هذي المدينةُ عشّاقها ساعة الاحتضار ؟
– ( ..)
( 2 )
قيل : لا ينزعُ اللهُ حبّ القبيلةِ من ظهر شاعرها ،
أو تموتُ أحاديثُ نسوتها في يديه .
و قيلَ : يجوعُ القبيليُّ في البرّ حتى يرى الأرض واقفةً كالقبيلةِ،
تُحصي فؤاده ؛
و حتى تضلّ الرواحلُ .
حتى تجوسَ البلادُ الغريبةُ في دمه ، و تذمَّ بلادَه .
يجوعُ القبيليُّ في البحرِ ، لكنّه يتذكّرُ أن فتاة القبيلة أوسع من مائه
و يكونُ الهوى الجبليُّ يمرّ به في السفينةِ ،
يحملُ أسماء إخوته ( الطيبين ) و يقرأُ أشواقهم ، للترابِ ، عليه .
و قيل :
تنامُ المدينةُ مزدانةً بالخيانات ، تلقي الأسِرّةُ أسماعها للخيالِ النسائي ، تقذفُ بعضُ الشبابيكِ أسرارها للمساكين ( تحت النوافذِ منجدلين كما الموتِ ) .. يمدحُ سكّانها الكافيارَ أمام المنازلِ ( إذ ربّما يسمع الجائعون قصائدهم فتعود الطهاراتُ للبـَرّ) .. يختلط الضوءُ بالأشقياء المسنّينَ . تصحو المدينةُ ، أبناؤها لا يرون أصابعها، و بناتُ المدينةِ – مثلَ الزبيب المخمّرِ – يجرحنَ عبّادَها ، وتذوبَ المساجدُ في البردِ .. هذي المدينةُ جائعةٌ رغم ما قيل في شحمِ سكّانها. و القبيليّ لا ينكرُ البردَ ، أو يهتدي للخلودِ بآثامِ أنثى . نعم ، يشعلُ الحبّ جرحَ القبيليّ ، تسري إناثُ القصائد في دمِه و يرى الأنقياءُ ضفائرهنّ بهدبيه . نعم ، قد يبصرُ الغرباءُ بنات القبيلة يغسلن تحت السماءِ أباريقهنّ وسيقانهنّ ، و يجفلنَ (كالغرباء ) إذا ما شعرنَ بعينِ القصيدِ تعذّبُ أجسادهنّ السقيمات بالاشتهاء . نعم، قد يموتُ القبيلي حزناً على الدارِ، قد يغسلُ الليلَ بالشعرِ ، لكنّ عينَ القبيلةِ لا تفتحُ الظلّ للشعراء . نعم ، إنّ بنت القبيلةِ ما وِلدت لتكون المدينةَ ، ما عبرت قلب عاشقها لتكون حديثاً يمرّ ( كمثلِ القصائد ) .. بنتُ القبيلة مزدانة بالسماء تنامُ على نهدها ، بالمساء يجيءُ بها مسحةً في فم الغرباء .
( 3 )
.. لا الحبيبُ حبيبٌ و لا الماءُ ماءَ بأشواقنا للخلود .
لا الضبابُ بلادٌ مجهّزةٌ بالتمائمِ ، لا الخائفون رفاقُ الهوى المستحيل .
في الفجيعة يحسُنُ أن نتلاشى ، وفي البردِ لا حبذّا أن نعُدّ أصابعنا ،
.. في البلادِ الغريبةِ ، دوماً ، تمرّ الوجوه التي ( إن خبَتْ ) لا تعود .
لا الجبالُ التي ذبُلت خلفنا وطنٌ خلفنا ،
و الطريقُ الذي ضلّ منّا سيغتابُنا.
فكيف سيعرفُ أبناؤنا لثغة الموتِ ،
كيف ستدركُ زوجاتُنا أنّنا
( قبل أن تختفي درجاتُ المدينةِ )
كنّا نفثنا قصائدنا في المكانِ ، و عشنا هنا لا ترانا الأكاذيبُ ،
أو تتمزّقُ أوجُهنا من صراخ الجنود !
المكانُ لنا ، و المدينةُ للخاطفين .
و البلاد التي دُفِنت خلفنا ، ستعودُ لأشواق نسّاكها ،
في المكان .. هنا . و تجوعُ الحدود .
( 4 )
.. ليس موقفنا الآن أن نتخلّى عن الموتِ :
ماذا إذا لم يكُن غيره من بمقدورِه أن يحنّ ،
و من في أجندتِه أن يجنّدَ أرواحنا للمعابدِ ؟
ماذا إذا لم يكُن غيرُه من يرانا بلا طمعٍ ،
و يرى خلف أعيننا كيف تعتلُّ أشجارُنا ،
و تجرّ القُرى ما تيسّرَ من جوعِ نسوانها للصلاة لنا :
فلتكُن رحمةُ اللهِ بالغةً ، و ليكُن ظلّه خلف أسمائه مورِداً ، لا لنا !
تجرّ القُرى ما تبقّى من الشمعِ للصالحين ،
فنبصرُ ( و الموتُ يبصر من خلف أجفاننا ) كيف تنموا موائدُ أشواقِنا ،
وتسيلُ الحياةُ كأقدامِ بنتِ النبيّ .
يرى الموتُ عاشقةً توقِد الحبّ للجائعينَ ، و من لا يخاف من الموتِ ..
ليس بمقدورِنا أن نعيشَ فرادَى ( كشعر المحبّينَ )
نحتاجُ للخوفِ كي نتذكّر أبناءنا ، و نجوعَ إلى اللهِ .
نحتاجُ للبغضِ كي نتذكّر ظلّ الجنودِ .
و نحتاجُ للحبّ كيما تدلّ القلوبُ على النهرِ ،
نحتاجُ للنهرِ كيما نرى في الضياء سماواتنا في الطريق إلى الله.
( 5 )
تُرى سامحتني القبيلةُ ؟ هل نفضوا اسميَ من بين أبنائهم ؟
.. في الطريق إلى اللهِ يأكُلنا الجائعون ..
هم غجرٌ مطفأون ،ونحنُ [ هُنا ] غجرٌ مثلهم .
عناويننا في المدينةِ مثل عناويننا بينهم .
في الطريق إلى الله تسقطُ أخبارنا فجأةً ، ويرانا الذي لا يرى .
وتجري دماءُ الترابِ بأسمائنا، فنعيدَ إلى الكونِ دورتهُ الأم..
نغرقُ في الحُلم ، مثل القبيلةِ ، نرجعُ للحُلم ، مثل بناتِ القبيلةِ ،
ينكسرُ الحلُم في حلمه الأم !
( أصواتٌ تصل إلى باب المدينة ..)
( 1 )
عللّيني ، بذكرِ المحبّين ، أنتِ البلادُ لأخبارِهم
وسمائي إذا غربوا ،
ودعيني لهم حين يستكمِلون سواعدهم بدعائي
ولا يسمعونَ شواهد أجدادهم تحت أرضي .
( 2 )
حبيبةُ ، لا تجزعي ، إنّ بعضاً من الجائعينَ سيذكرُ ، في الموتِ ، أرضي
و بعضاً سيأكل – من قسوة البردِ – عرضي ..
كِلِيْهِم لأشواقِهم، وكِلينا لخوفِ الطريقِ .
كم زرعنا به الشعرَ ، فانتشرت في العيونِ النميمةُ،
وانكسَرَت عبرةٌ في المضيقْ .
كم وقعت من دمانا دماءٌ على صدره ، فاشتكى من تهتّكنا
عجبٌ ، يا حبيبةُ ، يشتاقُنا البلدُ الليلُ
أعجبُ من شوقِه أن يرانا نفتّت أسماءنا فيقولُ :
يضلون شوقَ المريدين ، بالشعرِ!
يبصِرُنا نتكسّى من الواهِمين ولا يُستفز.
عجبٌ ، يا حبيبةُ ، شأنُ الطريق إلى أمّنا في تعِز : –
نجوّعُ أقدامنا ، قاصدين ، لينموا نخيلُ الطريق ..
فهل قيل : مرّ الحجيجُ بهِ واستظلّوا !
الطريقُ إلى أمّنا ناشفٌ كالذنوبِ الصغيرةِ ،
والعائذونَ بهِ هدموا ظلّنا،
وأقاموا بأحجارِه ذهباً للمُعِزْ !
يقول : ” الطريقُ أنا “
( أتحدّى اليسوعَ – و قد قالها مرّة للمريدين من قَبلِ مَتّى – فأين الطريقُ ، وما لونه !؟)
و هل يتوفّى الملائكةُ الأنبياءَ ، بهِ ، و يُقيتُ النبيّون زوجاتِهمُ من حديثِ الحوافرِ؟
هاه؟
الطريقُ أصابِعُ أحلامِهم .. و أصابعُ أحلامِنا لا حدودَ لأحلامِها
فكيفَ سنبصِرُ قلب المدينةِ في الغيمِ ؟
هذي المدينةُ لا تدخلُ الضوءَ طاهِرةً من بكاء المساكينِ ..
يدخلها الضوءُ متّسخاً بالمساكين ، يعبُرُ في جوفها الجائعونَ المساكينُ ، يجهلُ أحلامَهم حرسُ البابِ .. هذي المدينةُ موقدةٌ بالمساكينِ ، ينتشِرُ الموتُ تحت نوافذها كالوباءِ ولا يتذكّرُ أسماء أجدادِنا ، غيْر أنّ ذبالاته تتذكّرُ ( بالفعلِ) أسماء أبنائهم في المدينةِ ..
هاه ؟
ألطريقُ أصابِعُنا أم دماماتُهم ؟
( 3 )
برّدوني بأوصافِنا في القبيلةِ ..
إنّ سماواتِنا لا ترد السلامَ إذا الموتُ عسعس ..
وألقى شراكاً على كلّ وعدٍ ،
و أرخى سدولاً على كل نهدٍ
و أعرس ..
فجيئي إلى اللهِ ، في الأرضِ منفى لأسمائه ، وله في السماواتِ شأنٌ ، يوزّعُه بين :
نحلٍ، و منفىً ، و نورَسْ ..!
فنزدادُ موتاً ، وأزدادُ جوعاً ، ويزدادُ شأنا !
.. إلخ !
( من أشواق المدينة ، فيضٌ في الهامش ) !
( أغنية )
هل يخدعُ إنسانٌ ربّه ؟
هل يقتلُ ، من يغرقُ في البحر ، بلاداً تسكنُ قلبَه ؟
هل يجرحُ نخلُ اللهِ الشعراءَ إذا فرّوا من حقد الناس، و خبّأ كلٌّ دربه ؟ ..
إن أغمضتِ الآن ذراعيك و قلبي سترين :
وشاحاً يتوضّأ في عينيكِ،
دبيباً يكبرُ بين ضلوعك .
( لحن )
– أحبّكَ ..
– قوليها ، فأنا أحتاجُ إليك لئلا تدهسني الأرض .
لأسمعَ أقدام ملائكة الله يجوسون خلال العشّاق .
لأبصرَ قلبَك دون وشايات من أرض الميعادِ .
أحتاجُ إليكِ لأمسح عينيك بأطراف الفجرِ،
لأغسل ما يتبقّى فوق شفاهكِ من نومٍ بالتمر البلديّ ،
لأشعرَ أنّي الآن أعيشَ لأجل الله كما شاء ،
و أجلِ الحبِ كما كانت أسماءُ مدينتنا الأولى تخجلُ في بيروت ..
أحتاج لأنْ أقرأ شيئاً في الليل عن القريةِ :
كيف تنامُ و أنتِ تعودين بفجرٍ يخفي ضوءَ مساكنِه عن قلب الحارةِ
كيف توزّعُ هذه الأرضُ سماءَ الله على الفقراء !
هل أنت هنالكِ … (في العالم) … ما يكفي لأخاف من الحب ، و في الحب كثيرون يعيشون بلا عالم .
أدركُ أنّ فؤادك يكبرُ ( … ) حتى يتمايل عند قصيدة شعري : –
( يتمايل كفتاةٍ تلعبُ في السطح و تعلم أن الجيران يرون أنوثتها تتساقط في الريحْ)
( يتعامدُ في النور كطفلٍ يكسرُ لعبة صاحبه والناسُ يرونَ به فألاً لا يحسُن أن نذكره للريحْ )
( يتجاهلُ فتنته كفقيرٍ يتكدّسُ في البرد لئلا تسقط عين امرأةٍ من شبّاك الجيران
الجيران المشغولين به من أجل الريحْ ).
أقدرُ ، يا أصغر من مرّت في قلبي شيئاً مختصراً من فرح الله ،
سأقدِرُ ( لو شئتِ لما شئتُ ) سأفعلُ ، أن أدخُل في أكمام صلاتك ، أن أسكن تحت بلادك ،
أن آكلَ بعض التمر المستوردِ تحت شفاهِك ،
و أموتَ معاً !
( نبيذ )
الشجر الأخضر لا يكبرُ حتى تتجرّد أنثاه عن البحر وتلبس لون الشاعر.
أن تغرق في الليلِ بلا آخر ..
أن تقسم أنّ الدفءَ العابر في شفتيها ورقٌ من دفتر شعر مرّ بها عن قصدٍ ،
أن الشعر بعينيها يهلِكُ نفسه .
الشجرُ الأخضر، يا أصغر من مرّت في قلبي ، نبتٌ لا يعرفُ وجه الخوفِ ، و يدرك أسماء مدينتا، أو يعرفُ نفسه .
.. يتلاشى في أشواق الفقراء بلا آخر .
( حركة )
الآن ، أرى عينيك . الآن سأفتح صدري لتمرّ الصحراء كما شاءت ، و يجوع الفقراء كما شاؤوا ، و تمري أنتِ . الآن ، سيعلو البحرُ أمامي ، و يذوبُ النخلُ ورائي ، و تجيئين :
أنثى تكسرُ أجنحة القلب ، وتغسلُ أغنية الموتى بالحلف الناعم ، أنثى لا يأكلها الريحُ ولا تنكأ وجنتها الأشعار .. الآن سأقسمُ للغادين بأنّ بلادي لم تغرق في البحر ، وأنّ فتاتي تنمو مثلي مثلي مثلي ، رغم الجرح .
أدري أن يديك الآن بصدرك ، أنّك تخشين بأن يسمع قلبُك طرقاتي في جوف الدارِ .
تمتلكين الآن خياراً أبديّاً، أن يغمض قلبُك أصوات الشوق المنذورةَ فيه ، وأن يتمدد في الشرفة كي يتقصّى أبعد ما تخشاه مدينتنا في الليل .
ماذا يخشى العالمُ في الليل سوى أقدام قصائدنا تنكأُ برْد الحيّ ، وتخجلُ حرّاس البنك !
أتحسس ما شاء ليَ الله ُ، فأطعمُ آخر كلماتك في الهمس .. تقولين : أحبك ،
و تغنين :
– أيا ليلُ ..
– أنا الليل .
فانتفضي ، أعودَ الخيمةِ ..
و … إلخ !
مروان الغفوري ..
مارس – 2006
القاهرة ..