فراديسُ الجبل الأخْضَر (مختارات) – مبارك العامري

أشخاص:
بلدان:

سَوْرَةُ غَضَب

أَنْتُم
أَيُّهَا الغَاطُّونَ في غَيَاهِبِ التُخْمَةِ
انْظُروا بُرْهَةً إلى أَبْعَدِ مِنْ أَحْذِيَتِكُم
عَلَّ إنْسَانَ العَيْنِ يَصْحُو مِنْ سُبَاتِهِ
ويَجْلُو مُحَاقَ الغْريزَة ..
وأَنْتُم
أَيُّهَا السَادِرونَ في الخَدَرِ الديونيسوسي
أَزيحُوا قَليلاً كُؤوسَكُم المُتْرَعَةَ
وانْصُتُوا مَلِيَّاً إلى الأَنينِ الرَاعِفِ حَوْلكُم
فَعَلى مَرْمَى حَجَرٍ
يَكْمُنُ الأَلَمُ بِكَامِلِ عُرْيِه..
وأَنْتُم
أَيُّهَا المَرْبُوطُونَ مِنْ رِقَابِهِم
بِأَحْذِيَةِ الجَنَرالاتِ وعَمَائِمِ الكَهَنَةِ،
المُنْصَاعُونَ بِخِفَّةٍ كَمَا دَلافِين َمِطْوَاعَة،
الغَائِبُونَ في ثُمَالَةِ الخِطَابِ الحَالِك،
لا يَقين َلَكُمُ اليَوْمَ ؛
لأَنَّ رِئَةَ الحُرِّيَّةِ لا تَزَالُ خَضْرَاء ..
وأَنْتُم
أَنْتُم
أَيُّهَا الهَامِشِيُّونَ،
الرَائِعُونَ دَوْمَاً،
انْفُضُوا الغُبَارَ عَنْ مَعَاطِفِكُم
فَقَدْ أَزِفَ الخُروجُ مِنْ حَلْقِ المَتَاهَة..


وجوهٌ في قِطَار

خارجَ النَافِذَةِ،
نافذةِ القطارِ السريعِ،
السريعِ كَطلقةٍ حُبْلى بالمُفَاجَآت
كانت الريحُ تُصَفِّرُ
أو ربما تَئِنُّ
مثلَ عاشقٍ لَوَتْ الدهْشَةُ
لسَانَه..
وفي الداخلِ
لَغْثٌ مُتقطِّعٌ لمسافِرين
أدْمَنوا الإيغالَ
في ثنيّاتِ مُغَامراتِهم الصغيرة..
وثمَّةَ همساتٌ ماكِرةٌ
لامْرَأتَين حديثَتَي العَهْدِ
بلغةِ التَخَاطُبِ
عبرَ قرونِ الاستشعار..
وبعيداً،
بعيداً بعضَ الشَيْءِ
عن مقاعدِ الدرجةِ الأولى،
تَشْخَصُ عينان
باحثتانِ عن رفيقٍ
يختصِرُ المسافةَ الموحِشَةَ
بكلمةٍ
أو ابتسَامَة..


فَراديسُ الجَبَلِ الأخْضَر

هُنَاكَ
حَيْثُ الشِعْرُ مُقَطَّرَاً
كَمَاءِ الوَرْدِ
تُعْتِقُ الخَمَائِلُ المُنَضَّدَةُ
رُؤوسَنَا مِنْ قَبْضَةِ الضَجيجِ
وتَرْهُفُ اللُّغَةُ
لِأَنَّ ثَمَّةَ أَلْحَاظَاً تَجْلُو كِلْسَ المَشَاعِرِ
الَّلابِدَةِ في شِغافِ القَلْب..
هُناكَ
حَيْثُ الغَمَامُ نِسْرٌ جَريحٌ
كَادَ يَوْمَاً أَنْ يَفْرِشَ جَنَاحَيْهِ
سَجَّادَةً يَسْتَريحُ عَلَيْهَا الضَوْء
صَوَّبَ العُمَانِيُّ دَمَهُ
فََاشْرَأَبَّ مُرْتَطِمَاً بِصْخْرَةٍ كَؤود..
هُنَاكَ
حَيْثُ الجَمَالُ مُعَانِقَاً هَامَةَ السُحُبِ
والمَسَاءُ كَعَادَتِهِ
مُكْتَسِيَاً غِلالَةً شَقْرَاءَ
يَنْحَدِرُ الرُعَاةُ إِلى مَنْبَتِ القُرَى
مُمْتَلِئِينَ حُبُورَاً سِرِّيَّاً
بَيْنَمَا سيرينَاد قِيثارَاتِهِم
تُهَوِّمُ في الأَزِقَّةِ الضَيّقةِ
باحِثَةً عَنِ الجُلَّنَار..


*نصوص: مبارك العامري

زر الذهاب إلى الأعلى