فطرة – عبدالله الريامي

كضلعٍ مُلوَّنٍ
سريعٍ كحشرات المساء
كصريرِ الأبواب
أغمرُ ظهرَكِ بالأيام
فترمينني بثمار السَّهو
تدفعينني من حافة حلْمتيكِ
واحداً واحداً
غائبة، تهيلين كُتلَ الأنفاس
كأنَّني لا أحد
يا كَمين الرَّغبات المَجيدة
حتّى لو لم تمْطري
سأبقى غائماً إلى الأبد.


صوتكِ يتدفأ بفرْكِ رَعَشاتي
وشَعرُكِ القاني يسيلُ
على سيرة خدَّيكِ
فلماذا تبتسمين كخسارة
نبتت في الشتاء
أركضُ معتوهاً في أميال عينيكِ
المُغمضتين
وأجمَعُ قطعَ الأرض المُتساقطة
من انحناءة رُكبتيكِ كلَّ صباح

في الصيف تجرِّين ضلوعكِ
كقاربي المَثقوب
وكلَّما أصمّتني أصوات غرقاي
يُبحرُ القارب المشطورُ
بين فخذيكِ
إلاّ أنّ اليومَ عادةً ما ينأى
كعنق الديك
كَمَا أنّ رغباتكِ
بلون النوم في مَهد نسر


حين ترتفعين في متاهة لُهاثكِ
ويغشاكِ صمغ أكتافي
أهوي كمرساةٍ تسبق منطادها
على أرض رعشتكِ الأخيرة
بينما الطيورُ المَطرودة
من غابة التفاتكِ
تخلعُ أجنحتها في رأسي
كنحّاتٍ يستدرجُ خصراً
ليراقص الأبديَّة.


الهواءُ يُمرِّغُ شفتيهِ
في يدكِ ترفعينها كرمشٍ
يظلِّلُ الهواءَ آن يلتفتُ ظهرُكِ
وتلوِّحين:
موعدنا الأربعاء
للذهاب للمسرح، أليس كذلك؟

كذلك لولا هذه اليد المنسيَّة
زئبقاً في مُختبر
كذلك لولا الدّم يتدفق
من رؤوس قدميّ
فأرتفعُ ممثلاً على المسرح
يصفعُ البشرية
كذلك لولا الطائرُ الذي غادرَ
عُش الرسائلِ
فارتطمَ بأشرعةٍ طُويتْ
لمراوغة العاصفة


كذلك،
أريدُ أن أقف أكثر
في قبر حضنكِ
لأقيس عُلوّ الحنين
فوق الساعات
أريدكِ دون سياج الحليبِ
على مشارف حلْمتيكِ
أريدكِ لافحةً كضلوع الزوايا
أريدكِ طعنة لم تولد بباب أحد.


أريدكِ كالسياط حائرة الأعصاب
أريدكِ واسعة بين الحواس
بين قاع اللمسِ
وخُطّة اللسان
أريدكِ أنظرُ إليكِ لأنتظر
أيَّتها الحياةُ
لم أتبعكِ
لن تتبعينني إلاّ عارية
أذابت شمسُ رأسي
ملابسَكِ
أيَّتها الحياة
أنا سؤالٌ مُلحدٌ بالفطرة.


*نص: عبدالله الريامي

زر الذهاب إلى الأعلى