1- معراج
ليس لديّ متسعُ من الوقت
ولا حتى ما يكفي لستر جسدي
– مبتَلعٌ حتى النصف
قريبًا سيمسي الصيف علينا
الأشجار مصدّاتُ موج هائلة تصدُّ كُتلًا خضراء
تموج أوراق الأشجار فاتحةُ الخضرةِ رقائقَ ذهبٍ
في الماء.
مخملٌ مضيءٌ أخضر رماديٌّ بشرةُ طفل
لامعة كالفضة الجميلة
ترحل عنكِ حين أداعب التحوّل.
لا تَجِفّي مني
احفظيني في كل ما هو ليس بوَعْد
ولكنه وعدٌ مع ذلك
احفظيني في وجهكِ
في التجاعيد الرقيقةِ
كالإبر تحت لسانكِ اللاذع في عينيكِ اللتين
تحسبينها مُبصرتين
احفظيني في سيارتك الزرقاء.
وفي كل ما حولكِ
انظري
سأموت ولن أعود أبدًا.
2- رسالة من زجاج وماء
رسالة من زجاج وماء
لستُ أكثر من طيف مُدبَّرٍ ذائبٍ في المطر
مسكوبٍ على نافذتكِ افتحي
فأحل حبرَ دفتر يومياتكِ
وماسكارتكِ
ولوحاتكِ المائية وسماءكِ الزرقاء
اقرأي شفافيتي.
هكذا إذن،
إن احتجتِ إليّ
اشربيني مع النبيذ
العقي ملحي لا تقولي شيئًا دعيني وحسب
حيوانًا
أحسُّ بلسانكِ، بثقلكِ، وظلكِ، دعيني أقتنص
كأضعف ما في قطيعٍ افتحيني
لا تُقدسي الحب
احمليه مع القشور والعظام
دعيه يسيل كدم السمك تحت الحنفية
كُليهِ قَبليهِ العَقيهِ
احفظيني
من كؤوس خزانتكِ
في بحيرتكِ
في ملابسكِ
احفظيني مطرزًا ومخيطًا.
أيتها الطفلة
أضمكِ بين ذراعي
أنتِ خفيفة كما يجب أن يكون عليه الأطفال
تلعنينني لأني أهجركِ
تلعنينني لأنني باقٍ
ليس فيكِ شيءٌ من القداسة
تُفرغين ذاتكِ عليّ
خذي بيديّ
احفظينني لا تغسلي ثيابكِ
كوني قرى الضيوف الصغار
أحوّلكِ.
اغسلي، أوصدي
احفظي في كؤوس نظيفة
نبيذكِ
ملحكِ
وأمونياكِ
اغسلي، أوصدي
وسخي ثانية
عبر نوافذ مُشرعةٍ يأتي سبيلٌ آخر
أبيض كالقطن بلا سكاكين بلا كلمات بلا خلاص.
سيأتي الخريف
يقطع فيه السواد ويحلّ
بلى، ولا حتى أنتِ، أنا، يمكننا منع السواد
عن التفشي
غدًا تتفتحُ الغابات بتيجان معتمة وارفة الظلال
قريبًا تخضرُّ الأشجارُ كلُّها.
الانتظار يُطلقُ الداءَ
فطر أصفر، طفحٌ، جراحٌ مفتوحة تُزيِّنُ
البيتَ الأشجارَ الأوراقَ
أحدهم يجمع أعشابًا طيبة
يعبئ العدوى في زجاج وكأنها حيوانات ناقصة:
أجنحةٌ مشدودة
جلد سحلية مجرّح
أفواه دامية
لا شفاء هناك، تعالي وانظري..
هذا أنا.
مساكنُ حُفَرٌ مصاعدُ جلدُ سحالي شرشفٌ للهجر
لإخفاء الرحيل ثانية إلى المسالك المهجورة
إلى الأكواخ الرمادية
إلى الحديد الصدئ آجام القُرّاص
تذوقي لساني، يدي، الآثار ظلال الأجساد الكبيرة
( يمكثون غير مقسمين محفوظين
كحبوب هوائية غير مضاءة تحت الأرض)
تعالي بعدها إلى هنا
لحمُ الألم الدامي جسدٌ
أسكنه.
يأتي المساء بالرطوبة
قادمًا من البحيرة مغطيًا
كثياب لم تخيّط كشبكة صيد
أعطني فرصة كي أعلق في النسيج البرّاق
في النجوم في ماء بيض الضفادع في شباك الصيد
في قطر ندى جلدكِ
أعطني فرصة للنجاة من اليباس
العدم
شُقي جسدي المتحول
دعيني أنَم.
أن لا يفيق المرء، أن يُغسّل، أن يُشرّح
أن تنتزع أحشاءه، أن تُفحص، أن يُصدّق عليها
ثم يُعاد كل شيء ثانية
ويخيط حتى الرقبة
كل هذا في الظلام.
كانوا يبحثون عن ذهب سينير
“هكذا نفعل مع الجميع، بحكم الشرع”
احفظيني مخبأ بين السكاكين
في الدرج القريب منكِ
في كل اللقاءات
اغسليني وقطّعيني
بيعيني لمربي الكلاب
عضّات الكلاب هي عضاتكِ
كل تلك الليالي التي ظنناها الأخيرة.
تعالي، انظري أنا مشرّح
كُلي حبي
الذي هو أنتِ، إنه حماض الغنم والبيقة
ارقدي عندي أنا قراصٌ خرفيشٌ
يهبط النور في وركي
املأي جسدي بخرَقٍ وقش
ادعكي جلدي بالأصباغ
هذا ليس ألمي
ادفنيني واحفظي ألمكِ معي.
احفظيني بعد
احفظيني قبل أن تمسكي بي وبالشق الأحمر
شق الوجع، المصابيح التي أُكِلت
لأجلكِ نومي والسحالي في صدري
لُفي ارمي بيعي كل شيء إلا النفيس لديكِ
أنزليه ضعيه بين الخزف في الدكان
احفظيني في جوريَّتكِ في ترقبكِ
حرري جسدي مما رأيتِ
قبل أن تعرفيني.
صغار الطيور تتدفق من الشرخ
سوداء
حامت دون حماية
تهجر طفولتها
يعثر المرء على الريش الصغير بين تشعبات الأغصان بين الصخور
على الرفة في كتب الصبيان
ألبوم القصائد غَطّي الموتَ بالريش
دعيه يغني مع أنغام العندليب
لا تفقدي الطفولة
أما إحساس الجناح الرهيف
فاحفظيه هو الآخر.
منفى
والغيوم هي الأخرى مختلفة
ليست غريبة
بل كأول طائر مهاجر يراه المرء في الربيع
إذ كل شيء لم يزل
في تبرعم
بلى، المرء هنا في وطنه.
دون مشاعر يرسل المذياع التوق
انثريني الآن
بيْنا، أنا في نومي
فوق هذا البلد
احفظيني وأنا في ضياعي
قريبًا تخضرُّ الأشجارُ كلُّها
قريبًا تخضرُّ الأشجارُ كلُّها.
*نص: آرنه يونسون
*ترجمة: إبراهيم عبد الملك، جاسم محمد
*من كتاب: أنطولوجيا الشعر السويدي