مَا يُقالُ عِندَ دُخولِ التّاريخ
أَعُوْذُ مِن أَعْيُنٍ تُطِلُّ مِنْ شُقُوقِ الطِّينْ
مِنْ مِيَاهٍ تَـجْرِفُ الأَجْسَادَ كَالأَخْشَابْ
مِنْ رِيحٍ تُبَعْثِرُ أَكْوَامَ الـمَوْتَى
مِنْ جُوعٍ يَزْرَعُ مُوسِيْقَا القَرْقَرَةِ فِـي البُطُونْ
مِنْ بَوَّابَاتِ القِلَاعِ العَالِيَةْ
حِيْنَ تَـهْرُشُهَا ذِئَابُ الصَّدِيقِ العَدُو.
أَعُوذُ مِنْ قُصُورٍ أَضْجَعَهَا لـَهَبُ الـمَنْجَنِيقْ
مِنْ شُكُوكِ الـمُلُوكِ فِـي الـمُلُوكْ
مِنْ جَوَارٍ تَعَاقَبْنَ عَلَى مـَخَادِعِ الأُمَرَاءْ
مِنْ رُسُلٍ بِلَا رُؤُوسْ
وآخَرُونَ بِلَا أَيْدٍ وَسُوقْ.
أَعُوذُ مِنْ قَوَافِلَ غَابَتْ فِـي أَمْعَاءِ الرِّمَالْ
مِن جُيُوشٍ افْتَرَسَتْهَا صُخُورُ الـجِبَالْ
مِنْ عُشَّاقٍ قَضَوا عَلَى سُرُرِ العَشِيقَاتْ
مِن ثَأرٍ ارتَدَّ إِلَى صَدْرِ طَالِبِهْ.
أَعُوذُ مِنْ مَشَانِقَ تُؤَرْجِحُ الـمُعْدَمِينَ
عَلَى نَارِ حُزْنِ الأَقرَبِينْ
مِنْ أَمْرِ الـخَلِيفَةِ: قَرِّبُوا النَّطْعَ وَالسَّيْفْ.
مِنْ أَحْشَاءٍ انْتَزَعَتْها نِصَالُ الغَدْرْ
مِنْ بُـحُورٍ اخْتَطَفَتْ الـمَرَاكِبَ إِلَى البَعِيدْ.
مَنظرٌ خَريفيّ مع محكومين
أَمَرُونَا بِالوُقُوفْ
أَطْلَقُوا عَلَيْنَا كِلابَاً أَكْثَرَتْ النُّبَاحَ نَـحْوَنَا
ضَرَبُونَا بِأَحْزِمَتِهِمِ العَسْكَرِيَّةْ
وَحَشَرُونَا فِـي حَافِلَةٍ مُهْتَرِئَةْ
اصْطَفَّتْ عِنْدَ مَـحَطَّةِ التَّزَوُّدِ بِالوَقُودْ
سَائِقُهَا يَتَمَايَلُ بـِهَا عَلَى الطَرِيقِ كَعَجُوزٍ مَرِيضَةْ
ضَوءُ الشَّمْسِ لَزِجٌ عَلَى نَوَافِذِهَا الـمُتَّسِخَةْ
ارْتَسَمَتْ مَشَاهِدُ
جَاءَتْ مِن عُمْقِ ذَاكِرَتِـي:
أُمِّي وَهِيَ تَعْجِنُ فَجْرَاً
أُخْتي وَهِيَ تُغَنِّي جِوَارَ أَبِـي الـمُـقْعَدْ
زَوجَتي وَهَيَ تَغْزِلُ حِكَايَتَيْنِ لِطِفْلَتَيّ
يَدُ جُنْدِيٍّ أَرَاقَتْ مَاءَ تَذَكُّرِيْ
صَفَعَني عَلَى عُنُقِي
سَقَطْتُ عَلَى صِدْغِي الأَيـمَنْ
أَبْصَرْتُ دَمِي بَطِيئَاً عَلَى صَدَئ الـحَافِلَةْ
سُعَالٌ يُبَعْثِرُ رَذَاذَهُ عَلَى أَعْنَاقِنَا الـمُتَعَرِّقَةْ
صُرَاخٌ مُتَقَطِّعْ:
ــــ هَيِّئُوا أَعْنَاقَكُمْ لِشَفْرَةِ الإِعْدَامْ
صَمْتٌ ثَقِيلٌ فتَّتَهُ سَيَّافٌ يُنَادِي:
ــــ التَّا ا ا ا ا لِي.
*نصوص: ماجد سليمان