محمد التركي – مختارات

لن أشارك في المعركة

لا توقظوني للحرب

لا أريد المشاركة في المعركة

مازال لدي الكثير لأفعله في الحياة

أشياء مؤجلة تتطلب وقتا أطول

أشياء

ليس من بينها الموت من أجل أحد

لا اليسار ولا اليمين

وحين توقظني الكوابيس عنوةً

فلن أستعد بسرعة

سأتمطّى

سأستهلك الكثير من الخطى لأصل

خطوتين في واحدة

وخطى بالعرض

خطى فارغة..

وعليكم أن تنهوا القتال

فلا أريد أن أتورط في هزيمة لم أشارك فيها

وأيضًا

وبشكل أكبر

لا أريد أن أنتصر على أحد.

أموتُ في الحكاية

لدي قدرة خارقة على السفر عبر الزمن

الأمر ليس سرًا

يحدث ذلك في لحظات الشرود الهائلة التي تصيبني صباحًا

أكون حينها قد طلبت قهوتي وجلست منتظرا وصول النادل..

أصوب نظرتي تجاه زمن ما من حياتي

وأغرق فيه

المشكلة أنني حين أذهب لا أستطيع إيقاف الرحلة

تتتابع الصور وكأنني سجين مقيد إلى كرسيه في السينما!

دائما أعود إلى اللحظة التي أحببتك فيها

وأحبك من جديد

دائما أستعيد قصتنا بكل تفاصيلها

دائما أتقبل طعناتك الأخيرة من جديد

أعرف موعد مجيء النادل البطيء

فهو دائما يصل حين أموت في الحكاية.

قصيدةٌ اسمها البحر

من كل الزاويا

لا يتغير البحر

يمكنك تغيير مزاجك

وتغيير العدسة

والسباحة على الظهر

يبقى البحر كما هو

لا يحاول حتى أن يبدو أنيقا..

حين أرى صور البحار التي مررت بها

شمالا وجنوبا

أدرك كم هو ساذج

أن أعيد تصويره

وأدرك أن البحر نفسه يضحك من دهشتي

لأنه هو نفسه

الماء نفسه

والصورة نفسها..

ونجلس أمام البحر لساعات

وكأننا نريد التعرف عليه

ولا ندرك إلا متأخرين

أن هذا الممتلئ بالملح

هو نفسه صديق طفولتنا القديم

على الخارطة حين تتتبّع الأزرق

ترى كيف يمد البحر ساقيه

ويديه

وكيف يمارس الانحناء هنا

والحب هناك

وكيف يحاول هذا المسكين

بكل الصور

أن يغرق.

الصيادون يلقون شباكهم

وصناراتهم

ويظنون أنهم خدعوا أسماك البحر

بالطعم الغبي الذي يضحون به

ولا يعلمون أن البحر يهبهم هذه الأسماك

طعمًا

كي يصطادهم كل مرة..

لا يملك البحر لونا

ونحن نظنه أزرق

وهذه خدعته الكبرى

ليتقمص السماء

لذا يظن المنتحرون غرقا

أنهم صعدوا..

  • الشاعر السعودي: محمد التركي
زر الذهاب إلى الأعلى