موت شاعر – ميخائيل ليرمنتوف

مَاتَ الشَّاعر !

سَقَطَ شهيداً

أسيراً للشرفِ

*

الرصاصُ في صدرِه يَصرُخُ للانتقام

والرأسُ الشَّامِخُ انحنى في النهاية

مَات !

.

فَاضَت رُوحُه بالألَمِ من الافتِراءات الحًقيرة

حَتَّى الانفِجَار ..

وَقَفَ وحيداً في المواجهة وها قد قُتل !

قُتِل !

.

فَكُلُّ نُوَاحٍ الآن عَقيم

وَفَارِغةٌ تَراتِيلُ الإطرَاء

وَهَمهَمَات الأسَى الكَسِيح

.

ونحنُ نُحملقُ في إرادةِ الموت !

وَبَعد – فهل أنَتُم أبرِيَاء

يَا مَن حَاصرتُم في قَسوةَ

مَوهِبتَهَ الحُرَّةَ الشُّجَاعة ؟

.

يَا من نَفَختُم في الَّلهَب الخَامِد

حَتَّى فَورة الغَضَبِ المُفَاجِيء

فَلتَبتَهَجُوا إذَن

فَلَقَد كانَ صَفَاءُ الألَمِ فَوقَ طَاقَةِ الاحتِمَال

.

وَاشهَدُوا الآن

أنَّ قندِيلَ العَبقَرِيةِ انطَفَأ

وإكليل الغَارِ عَلى جَبهَتِه يَذوِي

لَم يعرف القَاتِلُ التَّردُّد

وَهَو يُصَوبُ في بُرُود …

لا طَلقَةٌ واحدةٌ أخطَأَت القَلب

وَلا وَحي مُنقِذٌ أَرعَش البُندُقِية في اليدِ الوَحشِيَّة

.

كَيفَ استَطَاعَ هَذَا اللاجِئُ الوَضِيعُ الانتِهَازِي

الأَدَاةَ الخَسِيسَة العَميَاء ،

أَن يَحتَقِرَ أَرضَنَا هَكَذَا

وَيَسخَرَ، في عَجرَفَته، من لُغَتِهَا وتَقَالِيدِهَا الأَصِيلَة

وَ لا يَستثنِي مَفخَرَتَها الكُبرى

فَيَتَمَهَّل لِيَتَسَاءَلَ ضِدَّ مَن رَفَعَ يَدَه !

قُتِل

.

مَاتَ وارتَحَل

مِثلَ ذَلِكَ الشَّاعِرِ الرِقيقِ القَلبِ المَغمُور

وَالَّذي أَنشَدَ فيه قَصَائِدَ رَائِعة

مَن مِثلَه بِيَدٍ قَاسِيَة خَرِبَة

سَقطَ ضَحِيَّةَ الغِيرَة العَميَاء

لماذَا غَادَرَ صَدَاقَاتِه وَتَأمُّلَاتِه الآمِنَة

إلى عَالَم مَن الحَسَدِ الخانِق

.

لِقَلبٍ عَشِقَ الحُرِّيَّةَ واشتَعَلَ بالحُب ؟

لِمَاذَا أَسلَمَ يَدَيه لِلوُشَاةِ التَّافِهين ؟

لمِاذَا استَسلَمَ لِلكَلماتِ الكَاذِبَةِ والابتِسَامَاتِ المُخَادِعَة ؟

وَهَو مَن كَانَ

مُنذُ الشَّبَابَ قَادِرا على اكتِشَافِ حَقِيقَة النَّاسِ

.

لَقد سَلبَوه تَاجَهُ وَتَوَّجُوه بِالشَّوك

لِيُمَزِّقُ الشَّوكُ الخبئ

جَبهَةَ الشَّاعِرِ النَّبِيلَة

وكَانَت لحََظاتُه الأخِيرَة

مُسَمَّمَة بالشَّائِعَاتِ والهمس البَذِئ

وَهَا قّد مَات

.

بِالعَطَشِ العَبَثِي إلى الانتِقَام

ُمعَذَّباً بِالآمَالِ المُحَطَّمَة التي تَتَهاوَى سَريعا

لَن تَتَرَدد الأُغنِيَات الرَّائِعَةُ مِن جَدِيد

فَالصَّوتُ النَّبِيل يَخلُدُ للصَّمت

في الحُجرَةِ الصَّغيرَةِ دُونَ بَاب

وَآهٍ ، أُغلِقَت الشَّفَتَان

.

أَمَّا أَنتُم أَيَّتُهَا السُّلالَةُ المُتَعَجرِفَة

يَا أَبنَاءَ من اشتُهِرُوا بِمَخَازِيهم الوَضِيعَة

يَا مَن بِقَدَمٍ ذَلِيلَةٍ قَد دُستُم

بَقَايَا عَائِلاتٍ نَبيلَة تَجَهَّمَ لَهَا الحَظ !

يَا مَن تُحِيطُون بِالعَرشِ في قُطعَانٍ شَرِهَة

كَالجَلاَّدِين الَّذِينَ يُخفُونَ نَوَايَاهم الحَقِيرَة

في أَثَوابِ العَدَالةِ ، مُتَظَاهِرينَ بَالبَرَاءَة

مَن أَجلِ ذَبحِ الحُرِّيَةِ والَمجدِ والعَبقَرِية !

.

هُنَاكَ حُكمُ الرَّب

حُكمٌ رَهِيبٌ يَنتَظِر

لا يَمِيلُ مَعَ الذَّهَب

وَأَمَامَ العَرشِ الإِلَهِي

لَن تَنقِذُوا جُلُودَكم بِقَذفِ الأَوحَال ،

ولَن تَستَطِيعَ كُلُّ دِمَائِكم القَذِرَة

أَن تُعَوِّضَ أَبَداً الدَّمَ العَادِلَ لِلشَّاعِر .

زر الذهاب إلى الأعلى