مختارات من الشاعر ماجد موجد

كلمة واحدة

قلْ شيئاً لحبيبتِكَ

أرقّ من أصابع الحرية.

أبهى من إغفاءة طفلٍ في حديقة

أرفعَ من المديحِ المتوهّج في دهشتِها.

أجملَ من حفيف تنورتِها قربَ الموج.

أصفى من نظرتها الى مكتبةِ بيتِك.

أنبلَ من اللهفةِ المطمئنة حين تكرّر اسمكَ.

قلْ شيئاً لحبيبتِكَ

 حين جسدُك وروحُك يصيران شفتين

وأحلامُك كلُّها تكون لساناً.

القليل منه

وهو يلتفتُ اليها

يسمعُ آخرَ صوتٍ يأتي من قلبِ السماء

يحبُّ السماءَ التي تشربُ صوتَها

يحب صوتَها الذي يكتب على الأشجارِ الذكريات

يحب حفيفَ الأشجار الذي يردّدُ اسمها على العصافير

يحبّ عصافيرَها كلَّها من العين الى الألف.

عصافيرها التي تصير مرةً سحابةً

ومرةً تصير معطفاً للسحاب.

….

يكتبان طفلاً

شاعرٌ فلاحٌ وشاعرةٌ ربةُ بيت

هو يذهب ويأتيها بترابِ الملح

وهي ممتنةٌ 

تهيء له الماعون..!

هكذا كلَّ يوم يضطرب العالم بينهما

هكذا كل يوم يدوران

هو ملعقةٌ تضع ترابَ الملحِ والفلفل

وهي ماعون يتموج فيه رجاءٌ أبيض

وما أن تتدفقَ النقاطُ على الحروف

يجلسان مندهشين وينتظران

حتى تكبرَ القصيدةُ ويصير فيها شِعرٌ.

لا..يتعلم

يريد أن يسمي حبيبتَه

لكنَّ يدَه نسيت

عينه يتقافز فيها خطأ وصواب

لا يرى حين ينام ما يُضحك أو يُبكي.

يكسر خوفَ حصانٍ جريح بقطعةِ سكر.

يدسُّ رأسَه بين الأطفال

ويقول لهم: هل تعرفون بوذا؟

يرسم السمكَ والضوءَ على بطنِ النهرِ 

ومن أجلِ بنتٍ تبكي أمها

يرفع يدَه الى الشجرة

ليقطف آيةً ناضجةً من السماء

ويضعها في فمِها.

….

صارت ذئبةً 

مرةً قال للخائفةِ: أمُّكِ موافقةٌ

تعالي ودعيني أفلّي عشبَ بطنكِ

وأضع لساني على وردتِك الحارة

قالت: أنتَ كاذب

فضحك الناسُ حينذاك

بعدها جاءت بحقيبةِ أمِّها وساعةِ أبيها

وقالت: صدقتَ هما موافقان

أن أشربَ صراخَ نايكَ 

وأن تأكلَ جرحي القديمَ

الأحمرَ الصغيرَ المفتوح.

افتحي الباب

حين يقول لكِ أنا مريضٌ

ليس لأنَّ أغصاناً من الأسمنت تتكسَّر في أوردته

كلما قال سأكتبُ شعراً عن الأصدقاء والأمل

ليس لأن الأسماء الحرة لا تليق بأحدٍ لا هنا ولا هناك

ليس لأن امرأة تأتي من المظاهرات

لتسلق حبيبَها مع البصلِ والكراهية

وترميه لقطط النسيان

ليس لأنَّ مؤسسة الشماتة ترعى الأرامل والمكفوفين

ليس لأن وزيرَ الحربِ هو ذاته وزيراً للموسيقى

ليس أي شيء من ذلك

حين يقول لكِ أنا مريض

فذاك لسبب واحد فقط

سببٍ لا يقوله لأحدٍ غيركِ

فلا تجعلي أحداً يسمعه أو يراه

خذيه وادفنيهِ عند قبرٍ نديِّ

كي يشربَ جسدَه التراب.

أيضاً؟

لماذا تأخذين روحي من يدِها البردانة

لماذا تسحبينها من شعرِها الأخضر

إلى غابةِ الكلام اليابس؟

ألمْ أقل لكِ أنَّ قدميَّ تمضغان الخوف ؟

وأنَّ الطمأنينة سيهرب دمُها من جلدي

حتى بالتفاتةِ شكٍ ناقصة ؟

لماذا تلبطين في الإشارات الممنوعة

التي طالما كَسَرتْ بأسنانها شارعَ الفرح ؟

أنتِ.. اسمٌ ممنوعٌ من الصرف

(1)

لماذا تشعرين بالضجرِ من حزني؟

كأنّه حكةٌ طفحت على ثديكِ في مكانٍ عام

هذا حزني الطويل المتين الكبير الحي

كيف تقطعينَه من حديثكِ

كما تقطعين خيطاً رمادياً زائداً في معطفكِ الأسود؟

(2)

إمعاناً في إثارة شهيةِ غضبِكِ

سأقول أنكِ مريضةٌ

تخرجين رأسكِ من شباك المطبخ وتصرخين

كلُّ من حولك مشغول بكبريائه وبحقده المعافى

سأنادي بأسمكِ وأمضي

لكني سأضع قلبي مطبوخاً بالبرغل وعرق المانجا وزهرةِ النار المرة

اريد أن تشمَّ عيناك بخاره الأحمر

أريد ان تأكلي منه اللحمَ الذي ينام فيه البكاء

وتمصي الشحمةَ التي تبيض مادةَ الأسف.

(3)

بي رغبةٌ أن أكثر من شهيةِ غضبكِ

أن أرسلَ لك غراباً في ليلةٍ ماطرة

ليلوّث سجّادَ غرفتكِ الثمين بالطين والندم

أو أن أكسرَ حنفيةَ الضوء في رأس الشارع الذي يقع فيه بيتُكِ

لكيما يسقط أخوك في الظلام وهو عائدٌ

وليزيد فيكِ السهرُ معه الضجرَ وقلةَ الأحلام

(4)

ما من شيء كان عليكِ فعله

سوى وضع الصرخة في فراش آمن لكي تنام وتحلم

فحين تجد الصرخةُ مكاناً تنام فيه وتحلم تصير أغنية

(5)

دونكِ أفكرُ

في الظلامِ الذي يثلم أحلامَ نافذتِكِ ويلحس وردَها

في حارسِ الزقاق يضع حقيبةَ حياتكِ في السيارة ويشتم حياتَه.

في أخيكِ الذي يعذِّبُ حريتَكِ بسكين القيامة

في السياسة التي تهشُّ عن حنانِ صراخكِ الشِعرَ والهواءَ

حتى تغدي قطةً ترتعش في بللِ الشك.

زر الذهاب إلى الأعلى