ريناد الرشيدي: الفن هو قدرتنا على التأمل في عذابنا برفاهية

أشخاص:
بلدان:

حاورها: محمد الحكيم

‏أهلًا ريناد، يسرنا استضافتك في هذا اللقاء، أرجو أن تكون أسئلتنا لائقة بذائقتك المرهفة. 

‏عرفناك في أنطولوجي من خلال كتاباتك، أول منشوراتك منذ سنوات كانت مجموعة نصوص بعنوان: إن للأبدية خشخشة الأوراق المكومة، وفي داخلها نص بعنوان: لم أنت حزينة؟ وتحت هذا العنوان كتابة ذاتية رائعة وبوح وجودي معذب. لديك حس مالينخولي متألم في الكتابة، كأنك تعضين على أصابعك، الآن، هل لا زلت حزينة؟ اكتبي لنا عن ذلك. 

هذا النص تحديدًا كان بمثابة تقيؤ لكل فكرة تؤرقني، كنت أتألم بذلك الصمت الذي قادني لحقيقتي المعذّبة، ومع مرور الوقت تلاشى الحزن، ذاك الحزن، خلق فجوة لا تمتلئ. كتبت في هذا النص “لأنني ممتلئة، وسيعيش بي الفراغ إن بُحتْ”، هذا ما حدث. أنا مثل أي تجوّف، أدركت أنه البوح هو ما سيخلق ذلك الفراغ العبثي، الذي لا يعبرني، إنما يتجذّر أثره كعاصفة. أعتقد أنني الآن لستُ حزينة نتيجةً لعوامل خارجية، لكن في تلك اللحظة التي تتلاشى هذه العوامل، لن ترحمني عواملي الداخلية؛ إثر هذه العوامل الخارجية، أنا أتنفس بحريّة هنا، وسيخنقني هذ الهواء بدونها. 

‏لكل إنسان الحق في تعريف ما يهمه، وأنت مهمومة بالفن والحياة والوجود والشعر وبسام حجار وبيسوا والجواهري والبردوني، ما هو تعريفك لهذه المعاني والأشخاص؟

الفن بالنسبة لي هو قدرتنا على التأمّل في عذابنا برفاهية، بدونه تختزلنا الاحتمالات، وتقتلنا بوجوده البهجة، ثم تبعثنا فيه مجددًا. الحياة والوجود قطبان يبتذلان بعضهما، ولولا غريزة الموت؛ لما استطعنا احتمال هذا الابتذال. الشِّعر بالنسبة لي هو جوهر ما لا أستطيع امتلاكه. أنا أرى الشِّعر كحليف للحب أولًا، يمنحنا القدرة على أن نحب، حتى عندما لا يسعنا أن نشعر بذلك الحب.  

بسام حجار أستاذ الاحتمالات، سيّد المنفى والعزلة. حينما بدأت قراءة بسام حجار، كنت أمرّ بتلك العزلة، التي كتب عنها وقال: “‏تشعر أن الأمكنة تفرغ فجأة وأن الأمكنة الشاغرة هي هاجس أشباحهم، يطوفون عبر الأشياء الصامتة وأنت هنا، وحدك أو أقل، تفتقدُ شيئًا ولا تراه. تحنّ إلى شيء ولا تجد ما يرفع عنك هذا الحنين. تعلم أن من شأن الآخرين أن ينتصروا. أن ينهزموا. ومن شأنهم أن ينسجوا من كل ذلك عزلة لك أشد ألمًا وأقرب.” بسام حجار كان تلك اليد التي ترشدني بالظلام، جزئيًا أضيع معها لوقتٍ أضافي، وأجد ما لم أكن أعلم أنني أبحث عنه، حين أكون مُمسكة بها. بيسوا كان سيّد إلهامي في الكتابة، الذي قرأ لبيسوا سيرى طيفه في نصوصي الأوليّة، هل سبق وأن قرأت لكاتب بشعورك بالدفء ثم فجأة شعرت بالبرد نتيجةً لما يكتب؟ هذا كان بيسوا بالنسبة لي، عهدتُ على امتلاك كل كتبه، وحاليًا أملك معظمها. الجواهري، يخجلني تعرّيفه! لكن لا يسعني أن أقول عنه عدا أنه جعلني أدرك إمكانية رثاء الدهر لنفسه. البردوني شبحٌ يطاردني، يترصد عزلتي ويُعلن نفسه في ازدحامي، لديه طريقته الجهنمية في كتابة الشِّعر التي يسهل علي أن أعرفها، حتى عندما تكون قصيدة اقرأها للمرة الأولى. 

من متابعتي لك، عرفت أن لك أنشطة بين-نجمية، تحليل نفسي وقراءة التوافق الجنسي وأوراق التاروت، أمور مثيرة وغريبة، ولديك مجتمع كامل على تليجرام يطلبون خدماتك ممتنين مقدرين، أخبرينا عن هذا المشروع، ما الذي تقدمينه؟ هل هو جزء من تخصصك؟ هل هي هواية؟ هل تعلمت ذلك في دورات؟ ما حقيقة هذا المشروع؟ وهل له اسم؟

نعم، أقوم بهذا الشيء كعمل جانبي، أنه ليس جزءٌ من تخصصي لكنني أربط تخصصي تقريبًا في كل شيء، تحليل النفوس، وقراءة ما يعلّ بالناس، هو أمرٌ يشوّقني. 

التنجيم كعمل أولي، وكان تعلمي له قبل خمسة سنوات،

بينما التاروت أربعة سنوات. لم أتعلمهم في دورات، تعليم ذاتي، ولا يسعني أن أقول عدا أنني معلّمي الخاص في كل شيء، أرتفاعٌ بالأنا، إن شئت. حقيقة هذا المشروع؟ لا أعرف، ما حقيقة أي شيء؟ 

اسم هذا المشروع (تنجيم جذري) هوايتي هي أن أفعل كل شيء من الجذور. 

ما هي أوراق التاروت المفضلة لديك؟

ابتداءً بالكرت الذي أشعر أنه يتحدث لي ويشبهني، the high priestess، رمزٌ قوي للحدس والإلهية الأنثوية، وتقدم بوابة إلى عقولنا الباطنة وأعلى مصدر للحكمة. هذا الكرت تذكير بالثقة في معرفتنا الداخلية والوصول إلى المعرفة التي تكمن بداخلنا. ثانيًا كرت the devil، يشير إلى مشاعر الهوس والإدمان والتقييد. وقد يدل على الشعور بالعجز بسبب القوى أو الظروف الخارجية. ومع ذلك، يذكرني هذا الكرت أني مسؤولة عن أفعالي، وأن القيود التي أدركها غالبًا ما تكون مفروضة علي ذاتيًا.

‏كل إنسان يحمل في داخله غرفة كما يقول كافكا، ما هو شكل غرفة ريناد الرشيدي؟

ريناد الرشيدي غرفة ريناد الرشيدي: الفن هو قدرتنا على التأمل في عذابنا برفاهية

غرفة ريناد

‏هل تقومين بتحليلات نفسية لذاتك، لريناد، كالتي تقدمينها لعملائك؟ أم تلجئين لشخص آخر؟

بالطبع، إن لم أقم بالجلد الذاتي بشكل يومي سأكون متعجرفة، أنا أميل غالبًا لتهذّيب نفسي وتذكيرها بما هي عليه بالتحليلات النفسية. 

‏كم عمرك؟

٢٢ ربيعًا

‏عرفتُ من عصفورة زرقاء أن لك كتابًا مطبوعًا سيصدر عما قريب، ما هو عنوانه، وماذا يعني لك أن تنشري كتابًا مطبوعًا؟

للآن لم أرسي على عنوان، أمرٌ شائك بالنسبة لي. التسمية، الحصر. أن أنشر كتابًا مطبوعًا يعني أن أعلن سخطي على العالم، وهذا أمر كان لديّ ميول في تأجيله بشكل مستمر، لكن سخطي يزدادُ يومًا بعد يوم. 

‏لديك شغف بنشر أغنياتك المفضلة من سبوتيفاي، نطمع أن تنشئي لأنطولوجي قائمة أغاني مفضلة لديك، تجسد ذوقك الحالي، وتشاركينا الروابط

This is me trying – Taylor Swift

Well I Wonder – The Smiths

Not Strong Enough – Boygenius

There is a light that never goes out – The Smiths

‏شاركينا أجمل فيديو شاهدتيه على يوتيوب.

هل سيتم رجمي إن قلت أنني لا أشاهد اليوتيوب؟ 

‏أخيرًا، واعذري طمعنا الفني، اقرأي لنا اقتباسًا مفضلًا بصوتك، قصيدة أو مقطع، لوسمحت.. تعرفي أننا نحب القصائد المسموعة.

زر الذهاب إلى الأعلى