محمد ناصر الدين – الحرب

1-
كلّ مساءٍ يقومُ الأطفال من نومهم
يحملونَ قواميس صغيرة في أكفّهم
إصبع يسرى، عين يمنى، كبد صغير،
عينٌ زرقاءُ، شعرٌ أشعثُ
يبحثون عن اليد التي امتدّت إلى المعاني
دون جدوى، يطفئون فوانيسهم
يرجعونَ بصمتٍ إلى التراب.

2-
أيّها الربّ العظيم
حين تتطايرُ الأجسادُ نحوكَ
في الإنفجارِ
أعدها إلى الأرض
مثلَ كرةٍ ترتطمُ بالعارضة،
ثمّة متفرّجونَ كثرٌ هنا،
ستلوّحُ لك الأمهات بالعباءاتِ السودِ
وسيضعُ الأطفالُ صورتك مع الرقم 1
فوق قمصانهم،
ويدقّ الرجال أحرف اسمك الأربعة
أو أسمائك الحسنى بلا نقصان
فوق سواعدهم وعلى الطبول
كلّ ما عليك فعله الآن
أن تعيد الكرة كاملةً
إلى الملعب الأخضر.

3-
قلوبُ الأنبياء قويّة كالحديد
لذلك يكلّم الأنبياء الربّ بثقةٍ في مناماتهم،
ثمّة امرأةٍ من حلب
تتردّد قليلاً قبل أن تكلّم الله في صحوها
عن زهرةٍ تركتها في الحديقةِ،
تقولُ الحكاية:
كان ياما كان
ماتت “وردُ” على أسوار حمص
برصاصةٍ طائشة
لم يبقَ ديكٌ في الحكاية
أو نفرٌ من الجنّ يستمع:
الرمادُ ساوى القاتل بالقتيل.

4-
كانوا يصوّبونها إلى وجهي
إلى النقطة على منتصفِ الجبينِ تماماً
يسندونَ إلى أكتافهم
ويحنون رقابهم على مقبضها الخشبي
وكنت مثل كلّ الأطفال
أدفنُ رأسي بين الكتفين
وأتمتمُ بالمعوّذتين واسم أمّي
الرجلُ الذي يجلسُ في المقعد المجاور
يهمسُ في أذني:
إنّها كمنجاتٌ يا بني
وليست بنادق.

5-
قاسيةٌ هذه الجبال بما يكفي
لتغفو تحتها المدنُ الجاهزة للمجازر،
التاريخُ رجالٌ مستعجلون للركضِ في الجنازة.

6-
بلى يا أدورنو
نريدُ حصّتنا كاملةً
من المشي إلى الموتِ
مثلَ عارضاتِ الأزياء،
لنصلَ معاً خطّ النهاية
قتلةً ومقتولين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى