
هل رأيتموه؟
ذاك المنبوذُ رميًا في غيابة الجب
المنفيُّ قسرًا عن مرعى الجُفاة
قيدُ شمسِهِ بيدِ الأيام
والصمت..
وطيفُ مُحبٍ..
وشعلةٌ تتعالى
على لغةِ الذئابِ والشياة
هل رأيتموه؟
كشمعةٍ، تتوسلُ الريحَ
كي تحن
صورُهُ تتعاقبُ في عيونكم
وتختفي بينَ لسانٍ وشفاه
في لحافِ الليل
وشقوقِ الجدرانِ المنسيَّةِ لأهدابكم
تجدوه
يرتمي بحضنِ الخفاء
وصدورِ القساه
***
زمنٌ مهجور
يابحرَ الخوفِ أما من بر
اليمُّ غدا شغفًا أبتر
ياسورَ الموجِ أنا حلُمٌ
بالفجرِ الراسخِ لا المعبر
الأمسُ سنينٌ مهجورة
شيَّدها قلقٌ لا يفتر
قد خطَّ حدودًا لأماني
وفناري الغائبُ لا يظهر
لا أمسٌ بسموٍّ يزهو
والحاضرُ في غده يحضر
***
لأحبَّائي الناصحين
لا تصنع لي مرآةً لم أطلبها
لا تنبش لي شناعةً لم أدفنها
لا تشرب مآساتي لتتقيأها عليَّ.. أرجوك
أودعت الحفرةَ صمتًا مسبوك
فعلامَ بنانُكَ لها يُشير
ولسانُكَ في قعرها يلوك
دع القبورَ لأهلها
واستودع فراغًا يتداعى
ونولَ أقدارٍ يحوك
***
هذيانُ السيد صفر
أخونني دائمًا لأنني أريد
يحتويني سرابُ المتناقضات بذراعي!
لأظلَّ محلقًا مع ضياعي
كمؤنسِ وحشةٍ فريد!
أجوبُ أقاصي القصصِ مختفيًا هائمًا
وأكتنفُ صمتي
متسللًا خلفَ الصورِ
واجمًا حينًا
وحينًا باسمًا
بينَ تعيسٍ بقناعاته وسعيد
كنسجٍ فوضوي ناقص
مستشعرٍ في نقصه الحي بين أموات
ومتراجحة في حنايا كِيانه كلُّ قممِ الصفات
المتوجة بقولٍ منكرٍ عند قوم
وآخر سامٍ في دلالاته ومجيد
***
وصية غريبٍ لأقرانه
أنا مثلك أيها الغريب
لا أعرفُ كيف أبكي؟
ولمن؟
ولماذا وُجدَ النحيب؟
صمتي شفيعُ الفراغ
والغربة
وكليم الأمس والحاضر
والزمن السعيد والكئيب
للبلادةِ أوجه بوصلتي
فهي الأمينُ لكلِّ أهوائي
وسمير الروح القريب
كن صوت الغرباء
غريب الأصوات
الداني البعيد من كل التقاة
صديقُ صدقهم..خصيمُ فجورهم
مجانب عتابهم
ولك من جذوة إيمانهم نصيب
*نصوص: فواز عبد الرحمن السلامة