بعد الجنازة – ديلان توماس

في ذكري آن جونز

*

بعد الجنازة، تسابيح البغال، نهيقها،

ألعوبة الرياح آذانها شكل الشراع، نعال مكتومة الحافر

تدق سعيدة للقدم في قدم القبر الغليظة،

إرخاء الستار علي الجفون، الأسنان المكللة بالسواد،

العيون الباصقة، البرك الملحية في الأكمام،

ضربة الصباح للجاروف موقظة النوم،

تهز صبيا متوحدا يقطع رقبته

في ظلمة التابوت وينزف أوراق شجيرات جافة،

تدفع عظمة وحيدة إلي الإشراق في ثوب الدينونة،

بعد عيد الزمان المحشو بالدموع والنباتات الشائكة

في غرفة بها ثعلب محشو وسرخس بالي

أقف أنا، لأجل هذه الذكري، وحيدا

في الساعات العويلة مع الراحلة آن الحدباء

والتي سقط مرة قلبها المحجب الينبوعي في برك موحلة

حول عوالم ويلز الظامئة وأغرق كل شمس

(رغم أن هذه الصورة تبدو لها شائهة مبالغ فيها

مبالغة عمياء في سبيل الثناء، فإن موتها كان سقوطا هادئا

فلم تكن تريدني أن أغرق في الفيضان المقدس

لشهرة قلبها، ولسوف ترقد صامتة وخفيضة

في غير حاجة إلي أي كاهن من جسدها المحطم).

لكني أنا، شاعر آن فوق صرح مقام،

أدعو كل البحار للصلاة إلي أن يسمع خرير فضائلها

خشبية اللسان مثل عوامة ذات أجراس فوق الرؤوس المرتلة،

أحني جدران الغابات السرخسية والثعلبية

حتى يغني حبها ويتمايل عبر كنيسة سمراء،

أبارك روحها المنحنية بطيور أربع كهيئة الصليب.

كان جسدها خانعا كالحليب.. لكن هذا النصب الصاعد

إلي السماء بصدره الجامح وجمجمته العملاقة المباركة

قد نجحِتّ منها في غرفة رطبة النافذة

في منزل شديد العويل في سنة عوجاء.

أعرف أن يديها الناصعة المتجهمة خاشعة

تقعي موثقة في رهبانية، أن ملابسها الرثة

تهمس بكلمة واهنة، أن فطنتها حرثت خواء،

أن قبضة وجهها علي ألم مستدير ماتت مسّمٌّرة.

سبعون عاما من الحجر هو عمر تمثال آن المنحوت،

تلك الأيادي المرمرية المغموسة بالغمام،

هذا الجدل التذكاري للصوت وللإيماء وللترنيم المنحوت

يعصف بي أبدا فوق قبرها

حتى تنتفض الرئة المحشوة للثعلب صارخة للحب

ويضع السرخس المتخايل بذوره علي العتبة الداكنة.

*

ترجمة: محمد هاني عاطف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى