السعيد عبدالغني – الانتحار

e069d112a4b4a51256af8d3991e0a6f5 السعيد عبدالغني - الانتحار
القلم أعزل على الأرض مليء بالدم وطفي السجائر
والورقة بجواره نائمة مليئة بلطخات الدم من فمى
بجوارها بعض الكتب التى لا أتذكر أسمائها ،
يرتج وعيي الذابل الان
من باكورة النهاية يتكشف العبث
من البداية الأولى ،
أفيض بأقاصيّ وكلمات غير مفهومة تحتفظ بلحظاتى الاخيرة
التى تُخضع كل جنبات العذرية والفضائحية ،
من الذى يحتضر الان ، إنه أنا ؟
الذى احتضر طوال حياته التافهة
أتحسس قلبي
النبضات تقل وصوتها يخفت
أحاول الصراخ فيخرج رذاذ دماء على الأرض المنكوبة المنكودة
وعلى وجهى
تتزاحم فيّ النواحات من المعاني التى تلبس الأسود ،
فى غرام هى الآن وفى استحسان مع الرحيل
والتطواف حول اللاشىء
بسطت ذراعي على الأرض
وحاولت أشعل سيجارة ملىء تبغها بدمى فلم توقد
أريد أن أحرق دمى هذا
هذا الدم الملىء بدياجير مواد كثيرة مخدرة
أريد أن أقوم ، مسكت القلم وأسندت يدي عليه وضغطت فانكسر
ما هذا الذى يجفف مادتي ويحف بها ؟
انا الان فى خريف المادة وفى ربيع اللامادة
فى نكبة معتراة بسعادة ومرح نضير ،
لا توجد أي يد داخلي أو خارجي تشد السكين من يدي
لا أعرف أين أنا وماذا فعلت ،
انا خطر على ذاتي منذ ولدت
وخطر على من حولي منذ مسني الاكتئاب
رأسي المحتوية على خلايا الموت ستنفجر
احس ان الخلايا كلها مستنفرة
ووجهى ملىء بالاورام وعيوني حمراء وجسدي هزيل جدا
يضايقني وجهى بهذه الطريقة
أريد أن أقطع أذني وانفي،
اذهب بين الصور بشكل سريع ومتقلب
لا أعرف هل الامر عضوي أم لا ؟
رعشة شديدة فى كل جسدي
وفزع وقلق واضطراب شديد فى النوم
دائخ جدا
ولكنى لم أتناول أي مخدرات أو أي كحول
أو عقاقير لانتشي
اوقعت الماء الساخن على قدمي،
أرى لوحة كياني كله أمامي
بكل المشهديات المحورية الزمنية بداخلي أو بواقعي
روحى أشعر أن أيادي سوداء تشدها
تقتلعها ولكنها لا تريد أن تخرج
متشنجة
لا ليست أيادي أنها أنياب حادة سوداء تشبه الكماشات،
صدرى فرغ منه الهواء
وأصبح يخرج من فمى دخان اسود
ودخلت فى دوامة شديدة الغرابة
حلمت احلام قاسية ومفزعة بأني احترق أمامي
وان امي يغتصبها كائن غريب
وعمي الميت بالسرطان جسده ينفجر،
كيف لا أقطع كل شراييني الآن
لا شىء يبقيني فى هذا العالم
ممكن أفعل أي شيء في اي احد
ممكن أقتل من كثرة اللامعنى الداخلي
من كثرة الألم لم أعد أشعر اني موجود تماما
لا اعرف كيف أعبر عن هذه الفكرة بالذات
ولا اعرف كيف اعبر عن اي فكرة ،
انه سرد الوعي الاني
وما يلتقطه من التشابكات الداخلية والمتشابهات لكى يخلق أي علاقة بينهم
عقلي انمسخ
لا يوجد أي مخدرات تنفع
ولا مهدئات ولا منومات
حلمت بثعابين تخرج من فمي
وعناكب على جسدي تقيدني بخيوطها وانا مشلول تماما
الطبيب النفسي قال أن هذه أول مرة يرى حالة بهذه الطريقة العنيفة
لأنى اغذى التخييلات بأفكار عقلية متقدمة من عدم وجود معنى
والرغبة الباطنية في الجنون
وقدرتي على التفلسف في أقصى رفض للحياة
ليتني كنت تافه لكى أحيا .
ما أراه الآن هو سجون كثيرة
بها انا على مدى زمني كله ،
ومستقبلي كله :
السجن الأول : انا طفل صغير بجسد صغير وعيناي المبددة على هول ما رأيته من مرض وسقم روحي فى من حولي والجنازات التشييعية .
السجن الثاني : وأنا فى سن الخامسة عشر حولى الزواني واللوطيون وجبال صغيرة من التراب الأبيض الهيروين وأعضاء بشرية منخلعة من أماكنها مهابل ودبور وشقوق معلقة على القضبان وأنا فى الداخل امسك ورقة عليها دماء البكارة المفضوضة بي أو بابهام صاحبيها، انه الداخل هو الجحيم الحقيقي .
السجن الثالث : شرنقة بيضاء شفافة منطوي بها بلا مؤنس .
السجن الرابع : شيخ احاول المشي فاقع دوما ، مجنون ، أحاول الطيران على هذا المسرح الكبير الذى يسمى الكيان .
هذه انواتي بسجون مختارة
أصلية زاهية واهية فى الأفق
كلها سجون انا الزماني
بعد قفر الشعر
ذهبت إلى الصورة
وخشيت من حياتي فى المرئي الذى يطعم العين فقط .
لا قوانين فى داخلي
فى مخيلتي ومرئيي ومجردي وموجودي
إنها الفوضى المظلمة المفتوحة التى تواري كل شىء
ولا يمكن الخروج منها
هنا الظلمة الملعونة التى تملىء المتالمين
ويخسرون فوزهم بالحياة البائسة
إنها أرض بلا صليب ولا إله .
انا الوحيد السائر فى الزمن ،
كل اللحظات فزعت وتوقفت .
وجهي مطفأة نضارته
ذهب الشباب منه ولونه الأفول
سودته أفكاري وشتته المعاني التائهة
والمرئيات الداخلية التخيلية
الانتحار رغبة فى العماء المطلق
والصم المطلق
واللاادراك المطلق
واللاوعي المطلق
رغبة فى العدم ليس الموت ،
عيونى الآن
لا أعلم ماذا ترى
ولكنها ليست فى دارها المعلوم من الموجود
وليست خائفة من هذه الصور الغريبة التى تقدم ،
اشم رائحة غريبة كأنها رائحة سؤال عريق معرق
الأسئلة لها روائح فى الانتحار
لم أكن أظن أننى سيبقى بى أي شىء فى هذه اللحظة الكسيرة المتكسرة
الناسكة فى الميلانكوليا ،
ذوبت كيفي وأيني وزمني فى العدم
لا أتذكر أى أحد الآن
لا قريب ولا غريب
لا عابر ولا مقيم
لا طيف ولا جثمانية
إنها رفات الضفاف الخالية من كل شىء
رفات ضفاف الغور الذى كتب بلاهوادة كل هذه الظلمة
اول مرة اشعر بتكبيل وتنكيل علل الأين الشعري المستطار الجبار
فى سرد الزمن لى ولنفسه .
أخيرا أخرجت الموت من غسقي
وأفديت كياني بالزوال
فهو الخفيف العباب الحرفي ،
لا يهاب أى تهجين من هيام العنف .
غربان كثيرة بأجنحة سودء وبيضاء عظيمة
ورؤوسها بها ضفائر يشربون من دمي
كثيرون يمسكون ريشات ويرسموا على الجدران أشكال من باطني
وأشواك تنمو وتخرج ،
ما هذا العبوس فى البعيد
الذى يشبه المثلث وأنا فى زاويته الحادة ، فى قعرها ؟
ما هذه العراءات التى ادخل بها ؟
إنها أينياتى السابقة التخيلية
وهناك أينيات جديدة قلقة أرضها .
لا دمع فى عينى المشتعلة ،
لا جلد على جسد السراب
أول مرة أراه عاريا من قشوره وشكله
إنه وحش به جروح كثيرة
كأنه إله مازوخي متقاعد مزق نفسه
وارتدى أي غيمة ورحل يغوى التائقين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى