تشيسلاف ميلوش – جزيشوفسكي

(من قصائده الأخيرة)..

*

مرة أخرى يزهر السوسن

عندما يزهر من جديد، سوف ينتهي عمري.

المحيط في الصباح يغشيه السديم.

في مدخل البيت المفتوح على الحديقة يشغلني عدم التذكر.

مع ذلك لا أستطيع أن أنساك، يا فيلسوف اليأس

الذي شكك في صلاح الخلق.

أرى أثراً مظللاً بأشجار البتولا فيما بين “ويلنو” و”مينسك”، بمجرى ملتوية في الوسط.

لم تكن هناك وقتئذ أوتوموبيلات، أو طرق إسفلتية.

أرسلت عربة يجرها حصانان الى محطة السكة الحديد لتنقل الضيوف.

ربما استضاف فلاديمير سولفييف في قصره واستمع الى ما يمكن أن يقوله عن مصالحة الكاثوليكية الرومانية والكنيسة الأرثوذكسية.

ربما ناقشوا أيضاً ما إذا كانت طيور البط ببركة الإقطاعية يمكن أن تحصل على خلاص.

ما إذا كان قد عتقت نملة أو ذبابة

من الذي أرسى على هذه الأرض قانون الألم للكائنات الحية؟

لقد احتفظت حتى هذا اليوم بكلماته:

“ومع مضيّ السنين، عندما خضت الى أبعد وأبعد داخل الحياة والعالم، أدركت بوضوح أكثر وأكثر عرض ألم أن هذا العالم، إذا اعتبر ككل، فوضى وجنون، وليس، كما علمونا، عمل العقل: إنه لم يخرج من يد الرب”.

2 ـ جزيشوفسكي

هنا يمشي الى حصة دراسية على شوارع كراكو.

معه معاصروه: التل، والمخمل، والستان

تمس أجساد نساء مثل السيقان النحيلة

لنباتات الـ Nauveau Are الخاطئة.

نظرات ودعوات من داخل الليل.

في معركة كونية تبرق سيوف الملائكة،

يتقدم أمير التمرد، يتراجع خدم النور.

قسوة، تحجر،

كيف أصفها على نحو آخر؟ بالرغم من أنه، وهو فيلسوف، لم يستطع أن يقول صراحة أنه كان يؤمن بعالم الشيطان.

وحيداً في وليمة لونهم ولمسهم.

“ليس هناك ربّ ـ الطبيعة والتاريخ يعلنان ذلك بالإجماع. لكن هذا الصوت حجبته هارمونية المزامير والتراتيل، وإقرار قادم من عمق روح الإنسان، بأن روح الإنسان مثل “تربة بلا مياه”. الرب. ومع ذلك، فإن حقيقة وجود الرب تتجاوز قدرة الفكر المعني بالعالم الخارجي. Le mon

صوت الأجراس وحده،

الق وعاء القربان المقدس وحده،

الأصوات الفانية التي تعلن المجد

3 ـ جزيشوفسكي

الأرضيات بأديرة الرهبان الدومينيكان والفرنسيسكان

التي داستها أقدام أجيال

تحمينا. حتى إذا كان الوهم

يوحدنا في هذا الإيمان بحياة أبدية

نحن، التراب، نسدي شكرنا لمعجزة التراب المؤمن.

صاحب الفخامة، لقد اقتربت منك ذات مرة، صبي، على درجات المكتبة تحت برج “بوزوبت” الملون بعلامات دائرة البروج.

في مدينة انتزعها سلاح الفرسان البولندي من البولشفيك،

انتظرت، واعياً “النهاية الدانية”.

كان يمكن رؤيتك وأنت تمر في عربة، حوافر الحصانين تصدر دقات على الرصيف غير المستوي، لم تقبل أبداً الأوتوموبيل أو التليفون.

مع رقصاتها، أزهار الليلك المتفتحة والكرز البري، مع طفو الأكاليل فوق النهر كانت المدينة تغرق.

لقد مت في الوقت المناسب تماماً، همس أصدقاؤك، وهم يهزون

رؤوسهم: “لقد كان محظوظاً”.

تحققت النبوءة، كل ما كان موجوداً هناك قد غرق، أبراج الكنيسة

فقط نتأت من القاع.

ربما أنا مثل الرجل الذي أخفى نفسه في برج كنيسة سان جون، عندما لم يكن هناك مهرب من الترحيل الى “الغولاق”، فنجا. ظبية معها وليدان اختارت أن تقيم على النجيل خارج نافذتي. حلقة عنيدة للميلاد والموت، يا صاحب الفخامة. لقد دربت نفسي لمدة طويلة على ضبط النفس.

ولأني أكثر دهاء منك، تعلمت عصري، مدعياً أني كنت أعرف طريقة لنسيان الألم.

*

ترجمة: أحمد مرسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى