لم يعُدْ أحدٌ منذ عامٍ وأكثرَ
قيلَ لنا:
“مرّ هذا الشتاءُ على أهلِنا قاسيا
والذي سوف يأتي به الصيف أقسى”
..خرجنا سريعا من الباب
بابِ المدينة
كانت خيوطُ الدماءِ تسيل على الجانبين
هبطنا بأثقلِ أحزانِنا فوق أرضِ الهزائم
ثم انتظرنا
انتظرنا طويلا وراء التلال
ومرّ الشتاء
ومرتْ بنا العرباتُ محمّلةً بالجنود
ذئابٌ رماديةٌ
ونساءٌ يضعنَ قلائدَ مسبوكةً من رصاصٍ
رأينا على صفحةِ النهرِ أجسادَنا وهي تطفو
وراياتِنا تتمزقُ قبل المغيب
وقيل لنا لن نعود كما لم يعدْ أحدٌ منذ عامٍ وأكثر
لكننا كلما اهتزّ من تحتِ أرجلِنا الجسرُ
مدّ إلينا الشتاءُ حبالَ الحنينِ
وعُدنا إلى ضفّةِ الحزن..
هذا خرابٌ عظيم
تجاعيدُ أحلامِنا باتتِ الآن أكثرَ عمقا
وصارتْ ضفائرُ أشجارِ هذا الطريقِ رماديةٌ
لم يعُدْ أحدٌ
لم تلوّح لنا من وراءِ الجدارِ يدٌ
لم يصلْ طائرٌ
والخيولُ الثلاثون تلك التي انطلقتْ بالرجالِ الثلاثينَ
لم ينجُ منها صهيلٌ على الجرفِ
لكنّ ضوءا خفيفا فقطْ
شعّ في عتمةِ الليل..
قيل لنا إن نجما هوى
قيل نبعٌ تفجّر
قيل حريقٌ خبَا
قيل سيفٌ أطاحَ برأس الأميرْ..
لم يكنْ غيرَ نصلٍ فقطْ
شعّ في عتمةِ الليل..
ثم سقط.
367 دقيقة واحدة