ديلان توماس – فوق تل السير جون

فوق تل السير جون

مازال الصقر الناري معلقا.

فوق خيمة مرفوعة، عند هبوط الغسق،

يسحب لمخلبيه ومشنقته،

فوق أشعة عينيه، صغار طيور الخليج

وعراك العصافير الطفولي الصاخب

وأولئك الذين يشدون شدوهم الأخير، غسقا،

في سياج شجر متشاحن، وفي مرح يتصايحون

إلي منصة الشنق النارية فوق تشابك الدردار

حتي يهوي الصقر بحبله الشانق كالومض

ومالك الحزين بخطوه القدسي الشامخ يتصيد

أسفل نهر الطاوي و في بطء يحني شاهد ضريحه المائل.

.

كالومض، والريشات تتقصف

وتل السير جون العادل يرتدي قبعة

من غربان سود، والطيور المخدوعة

تهرول ثانية نحو الصقر الناري،

بارتفاع حبل المشنقة، فوق زعانف

نهر الطاوي، في دويٌ من الريح.

هنالك، حيث الطائر الصياد الحزين يطعن ويجدف

في الماء الضحل والبردي المليء بالحصى والأسماك

يصيح الصقر العالي ‘ياللروعة ياللروعة،

تعالوا إلي حتفكم’.

افتح صفحات الماء علي فقرة من مزامير وظلال

بين سرطانات الرمل الواثبة ذات الكّلاٌبات.

وفي صّدّفّة أقرأ الموت واضحا كجرس الطافية

المجد كله للصقر الناري في الغسق الصقريٌ العين

عندما يتدلي فتيله الأفعواني

منعقدا باللهيب تحت جناح من جمر

وبوركت الفراخ الفتية الخضراء في الخليج والآجام،

في صياحها’ ياللروعة ياللروعة!

هلموا دعونا نلاق حتفنا’.

يملؤنا الشجن علي الطيور المرحة

وهي تغادر بلا رجعة الدردار والحصى،

مالك الحزين وأنا،

أنا يعسوب الفتي أروي الخرافات حتي ساعات

الليل الأولي بجوار وادي الأنقليس الظليل،

.

والقديس مالك يرتل في وهدة الميناء البللوري البعيد

المرصع بالأصداف حيث حصى البحر يقلع،

وموانئ المياه حيث ترقص الجدران

وتسير الكراكي البيضاء علي سيقان كالعصي.

إنه مالك الحزين وأنا، تحت تل السير جون القاضي

والحاف بأشجار الدردار

نحّدث عن ذنب الطيور الضالة المشيع بالنواقيس

ليرحمها الله لأجل صدورها المغردة

وليحفظها الله في صمت زوبعته

هو من يمنح العصافير تحاياها

من أجل غناء أرواحها.

علي الحافة المعشوشبة الآن يأسي مالك الحزين.

أري مالكا من خلال نوافذ الغسق والماء يميل

ويهمس عاكسا صورته ذاهبا للصيد في مجري نهر الطاوي

بينما يغمر الثلج ريشه المنكوش

لا شيء سوي نعيب بومة مكتوم

ورقة عشب تحملها الريح إلي كفين مكورتين،

في الأشجار السليبة،

ومامن صوت يسمع الآن لصياح الديكة الخضر أو الدجاج

فوق تل السير جون.

في أرض الأمواج الضحلة الحرشفية كاحلاه

ينظم مالك الحزين كل الأنغام.

وأنا من يسمع لحن النهر المتهادي لابسا ثوب الحداد

أنقش قبل ولوج الليل تلك النغمات

فوق هذه الصخرة التي يؤرجحها الزمن

إكراما لأرواح الطيور الذبيحة المقلعة.

.

لا تمض بيسر

في هذا الليل الآسر

.

لا تمضي بيسر في هذا الليل الآسر

فالعمر الطاعن يجب أن يشتعل ويصخب عند انتهاء النهار

فثر.. ثر.. لانحسار الضياء.

.

الحكماء قرب النهاية يعرفون أن الظلام حق

لأن كلماتهم لم تثر البروق لكنهم

لا يمضون بيسر في هذا الليل الآسر.

.

الأخيار إذ تغمرهم الموجة الأخيرة يأسون علي البهاء

الذي كان لأعمالهم الواهية أن ترقص به في خليج أخضر

يثورون.. يثورون لانحسار الضياء.

.

الجامحون الذين أمسكوا بالشمس وشّدّوْا لها في انطلاقها

وعرفو أخيرا أنهم أحزنوها علي دربها

لا يمضون بيسر في هذا الليل الآسر.

.

العقلاء الذين يرون قرب الموت ببصائر غاشية

أن عيونا عمياء يمكن أن تلمع كالشهب وأن تمرح، هؤلاء

يثورون .. يثورون لانحسار الضياء.

.

وأنت.. يا أبي.. هناك فوق القمة الحزينة

العّنٌِي.. باركني.. الآن بدموعك الملتهبة.. أتوسل،

لا تمض بيسر في هذا الليل الآسر.

ثر.. ثر.. لخمود الضوء الغامر.

*

ترجمة: محمد هاني عاطف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى