أتى الرجل من اللامكان
وسوف يذهب إلى اللامكان
ذات يوم ظهر فجأةً
خارجَ نافذتي
معلّقًا في الهواء
بين الأرض وغصن الشجرة
اعتقدتُ مرّةً أنّ جميعَ المصادفات
مقدّرةٌ مسبقًا:
صبْيةُ الجرائد يمرّون
في الشارع، بعناوين رئيسيّةٍ
ملغزة، نادلاتٌ وقوائمُ
طعامهنّ المشفّرة، نساءٌ واقفاتٌ في الترام
بطرودٍ سريّة، جميعهم مبعوثون إليّ.
وقد منحوني بعض الوقت لفكّ رموزهم
لكنّ هذا الرجلَ بكلّ جلاء
محضُ صدفة؛ من الواضح أنّه كذلك
ليس ملاكًا أخضر، بل عفريتٌ
في بساطة الأبيض والأسود؛ ليس رسولًا
عليه ختم النبوة؛
مجرّد وجهٍ عشوائيّ
يدور خارجَ النافذة
وإنْ كان ما منْ مغزى
جليّ،
فإنّ شيئًا يشبه في مفاجأته
مرشّحًا للزواج
من هذه الحارة المتشابهِ جيرانُها حدّ التطابق؛
لن يكون معنيًّا بي شخصيًّا
وإنّما بي واحدةً من العموم: من أجل أنْ يُدرسَ
من جميع الزوايا (الأصل؛ الوظيفة؛
الغاية من الحياة)؛ من أجل أنْ تُفحصَ
أوراقه الثبوتيّة؛ ما إذا كان لائقًا،
أنْ يُتحاورَ معه؛
متى يمكن حمْلُه على الهبوط.
أتساءل في غضون ذلك
أيَّ أساطيرَ خضراء أو
بيضاء وسوداء
ابتلعها بالخطأ
تتغذّى عليه مثل دودةٍ شريطيّة
رفعته من على الأرض
وأحضرته إلى هذه النافذة
يتدلّى من حبلٍ غير مرئيٍّ ويدور
ملامحه المميّزةُ
تتلاشى يومًا بعد يوم:
…………………..عيناه ذابتا
…………………..أولًا، وفي يوم الخميس
………………….أصبحت بشرتُه نصفَ شفّافة
صارخًا فيّ
أنا (تحديدًا)
رسائلَ يائسة بلغةٍ صامتة
من فمه المنطمس