ريتا الحكيم – أنتَ البدءُ والمُشتهى

ما مصيرُ الصراخِ الذي لم نجرؤ على إطلاقِ سراحهِ
من حناجرِنا..
الوجوه التي سكنت مخيلتنا، ولم نُعانقها..
الشفاهُ التي أضرمت حرائقَ شهوتِنا ولم نطفئ أتونَها بالقُبلاتِ..
الأحلام التي أغرقنا بها وسائدَنا ومفارشَ أسرَّتنا.. ولم ترَ النُّور.. ما مصيرُها
الأوطان التي آثرتِ الرَّحيلَ وتركتنا نبحثُ في كتبِ التاريخِ عن جذورِنا المقطوعة..
وضحكاتِنا المكتومة..
عن دموعِنا..
عن أنفاسِنا اللاهثة..
وأسمائِنا..

كأنَّ الوقتَ لم يمهلِ الطريقَ حتى يُغيِّرَ ملابسهُ ويُسرِّحَ شِعرهُ
كأنَّ الطريقَ تعطَّر لأستهديَ إليكَ..
ليعلِّمني كيف أمارسُ خوفي جهرًا
أنا الشَّغوفة بالعودةِ إلى أصلِ الحكاية
إلى أوَّل نظرةٍ..
إلى أوَّل لقاءٍ..
إلى أوَّل وطنٍ..
منذ هذه اللحظة، سأعزفُ عن الحواراتِ إمعانًا في طيِّ صفحةِ الحياة..
الحياة التي اقترفناها سويًّا
مارستْ معنا الخوفَ
من الحُبِّ..
من الحريَّة..
وأقفلتِ الشَّبابيك على ذاك الوطنِ البعيد

كيف سنُقلعُ عن تخمينِ وقعِ خُطى الغائبين..
الحاضرين منهم والمنسيين
ونقتنعُ أنَّ الحياةَ نوتةٌ موسيقيةٌ يلزمها مايسترو خبير بالصُّعودِ والهبوطِ على سُلَّمِها
أنا حين تسلقتهُ بُترت ساقيَّ وتاهَ عن حُضني طفليَّ
وأنتَ.. مُرغمًا دفنتَ ذاكرتكَ فيهِ
ووقَّعتَ للغربةِ إيصالًا على بياض

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى