محمد نصر – انتظار

(1)

ما الذى يمكن أن تقاتل من أجله الآن ؟
وأنت ممدد على فراشك بلا حراك
تحاور امرأتك بلسان وجفنين
يقول اللسان :
غسلينى بملابسى تلك ولا تكشفى عورتى
يقول الجفن :
وزعى على الأطفال الحلوى واضحكى
لا تخافى
لن تجدى الفراش مبللا بماء الغسل
لا ضير إن غسلتى أحد الجانبين مكان الآخر
واتركى عينى شباكا يطل عليك
لا تغسلى قلبى لأنه عورتى .
ما الذى يمكن أن تقاتل من أجله الآن وأنت بين يدى زوجتك ؟
بالأمس كنت تركب الريح جوادا
ورمحك المعقوف يطارد فريستك فى السماء فلا يجدها
فتنزل الأرض تطاردها فلا تجدها
وتقف فى آخر الطابور
لتأخذ علبة اللبن المدعم لطفلتك الصغيرة .. فلا تجدها
ماذا كان عليك أن تفعل سوى أن تحرك لسانك وجفنيك ؟
وأنت فى أول العمر كما فى آخره
لا تملك إلا أن تحركهما
وتنتظر ـ على رصيف المحطة ـ القطار الذى لا تعلم من أين جاء ؟
وإلى أين يأخذك ؟

( 2 )

أعلم أنك حين تركب القطار لن تجلس على مقعدك الوحيد
ستظل تبحث عنه
لتعيش تجربتك كاملة
كل ما فى الأمر أنك تراه
يدخل كفيه ما بين اللحم وأظافر القدم
وأظافره النحاسية ستلملم فتات روحك المبعثرة
لا تشغل نفسك
هو يقوم بعمله جيدا
سيجمع كل الأشياء الصغيرة :
سماع اسمك من فتاة صغيرة بعينين خضراوين
دهشتك عند قراءة ” سليم بركات ” و ” يحيى الطاهر عبدالله “
بكاءك على الجثث الملقاة عند مجمع التحرير
فرحتك البكر بعد زيارتك الأولى لسيدى ” أبى الحسن الشاذلى “
سيجمع كل شىء يا صديقى
لا تقلق
لن تشعر بالألم
ما عليك سوى أن تنظر لأطرافك المتيبسة
لا تحاول أن تحركها .. لن تستطيع
ولا تشغل بالك بالطفل المشاغب
حين يحضر إبرة لوخزك فى باطن القدم
لا تجهد نفسك كثيرا يا صديقى وانتظر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى